الإحتلال الذكي .. “قانون منع زعزعة إستقرار العراق الاميركي”

374

الإحتلال الذكي .. “قانون منع زعزعة إستقرار العراق الاميركي”

بقلم / ماجد الشويلي

تسعى أميركا لأن تدرك برفق القوانين ما لم تدركه بشدة الإحتلال  .
فبعد أن جاءت مُعبأة بأحلام المحافظين الجدد تدفع بهم تُرّهات سِفرِ الرُؤيا ليوحنا اللاّهوتي لتدشين الألفية الجديدة لمجيء عيسى “ع” والإنطلاق بتحقيق أهدافها من العراق وصولاً لأمركة العالم الإسلامي برمّتهِ بذريعة نشر الديموقراطية والفكر الليبرالي التحرّري ، إصطدَمَت بعقبات عدة كان أهمها المرجعية الدينية التي فاجأتهُم بإصرارها على أن يتولى العراقيون كتابة دستورهم بأنفُسِهِم وأن يَختاروا نظامهُم السياسي الذي يرغبون فيه . رافضة بذلك ما كانت الولايات المتحدة قد أعدته سلفاً من دستور مقولب يُثلث العراق على أساس إثني وَعِرقي وطائفي بمضامين لا تنسجم مع هوية شعبه وثقافته وأعرافه  .
ولا يعني هذا عصمويّة الدستور الحالي وخلوّه من الثغرات . لكنه يُمثّل تحدياً كبيراً بل وإخفاقاً واضحاً للسياسة الأميركية في العراق وستراتيجيتها في المنطقة .
العقبة الأخرى والمهمة أيضاً هي إندلاع المقاومة الإسلامية الشعبية المدعومة من الجمهورية الإسلامية في إيران والتي شكلت صعقة لم تستفق منها أميركا إلا بعد أن وَجَدَت نفسها مُضطرة لأن تجر أذيال الخيبة وتخرج بعدتها وعديدها ذليلة مهزومة من أرض العراق نهاية عام 2011 بعد أن كانت تظن وتمني نفسها بتقبل الشيعة ـ على الأقل ـ لهذا الإحتلال وتحوّلهم حاضنة له لشدة ما رأوا من بطش صدام وزبانيته.
فأسقط ما في أيدي أمريكا من خيارات القوة الخشنة وراحت تبحث عن سبل جديدة لتحقيق مآربها تارة بما أسمته القوة الناعمة وأخرى بالحرب الناعمة وأحيانا بدمجهما معاً تحت مُسمى (الحروب الذكية) وصناعة التوحش والحرب بالنيابة والتي هي جزء منها  !!
لكنها أخفقت أيضاً ولاحظت كيف أن العقبتين المُتمثلتين بالمرجعية والإرادة الشعبية مُعزّزة بدعم إيران إندمجتا معاً وتَمَخّض إندماجهما عن ولادة الحشد الشعبي وهو القوة الذكيّة لمحور المُمانعة في العراق في قبالة ما صَنعوه هُم وأسموه (بالحروب الذكية) وهي حصيلة دَمج الحرب الخشنة بالناعمة  .
هذا الإخفاق بل الفشل الذريع قادهُم للبحث عن سُبل جديدة لتعويض ما خسروه في العراق والإنتقام من القوى الإسلامية والوطنية الشريفة التي أفشلت مشروعهم فيه  .
وما قانون {منع زعزعة إستقرار العراق} الذي شرعته أمريكا إلا مشروع لزعزعة أمن إيران وتصفية حساباتها مع المقاومة التي عَجَزَت عن مُجاراتها في الميدان والضغط على الحكومة والدفع بها لزاوية ضيقة من الحرج تجبرها على تغيير موقفها من إيران لصالح أميركا في الحرب الباردة الجارية بينهُما .
إن هذا القانون ستكون لهُ من التداعيات الخطيرة على العراق بما لا يقل عما سببه الإحتلال العسكري له . وهو في جوهره ناظر الى العراق بوصفه محمية اميركية لا يملك من امره شيئاً وهو مُضر بالحكومة العراقية أكثر من إضراره بفصائل المقاومة وإيران .
وما هو إلا شكل جديد من اشكال الهيمنة والاحتلال بوسائل مُنمقة حديثة ،
إن مسؤولية جميع الأحرار في هذا البلد على مُختلف إنتماءاتهم وخلفياتهم العقائدية والعرقية أن يقفوا بوجه هذا القانون أمام المحافل الدولية وإبطاله لتخليص العراق من كارثة حقيقية ، وهذا هو يوم المقاومة الدبلوماسية والقانونية لإنقاذ العراق كما خلصته المقاومة المسلحة من الاحتلال العسكري سابقاً .

التعليقات مغلقة.