العصائب وإيران .. واقعية العلاقة وعقلانيتها

763

العصائب وإيران .. واقعية العلاقة وعقلانيتها

بقلم / أحمد رضا المؤمن

أصبحت العلاقة مع إيران في العراق قضية تأريخية مُعقدة تتضح من خلالها طبيعة وهوية وأهداف الجهة التي تتعامل معها كل بحسب مُتبنياته ودوافعه ومُنطلقاته السياسية والطائفية والآيديوجية وحتى الإجتماعية . وهو ما تبلور بقوة بعد إنتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة مفجرها آية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني “رض” .

          وقد إتخذت العلاقة مع إيران بعد إحتلال العراق في نيسان 2003م أربعة إتجاهات رئيسية هي :

1 ـ الإتجاه المعادي :

وهو الإتجاه الذي ينتشر بكثرة بين فئتين هُما :

أ ـ القوميون :

وهم المُتطرفون في إنحيازهم لقوميتهم إلى درجة إحتقار كل القوميات الأخرى وبالأخص الفرس دون النظر إلى المعيار القرآني الذي حدد فيه قياس كرامة الإنسان وقيمته وهي التقوى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ، ويبدو أن هذا التيار المتطرف قد نشأ بعد فتح بلاد فارس عام 17 هجرية وبدأ الإحتكاك والإختلاط بين الأمتين ومحاولة بعض التيارات في الدولة الإسلامية إستعداء المسلمين ضد الفرس لأسباب سياسية تتعلق بإنتشار الولاء بينهم لآل محمد “ص” وهو ما لوحظ بوضوح في سياسة الدولة الأموية التي كانت القومية العربية المتطرفة واضحة في خطابها وسلوكها .

وللأسف فإن أدبيات التطرف والعنصرية القومية تنتعش بين فترة وأخرى بحسب إستغلالها من قبل أصحاب السلطة والنفوذ كما حصل خلال فترة حكم البعث المباد .

ب ـ الطائفيون :

وهم الذين يعادون إيران فقط لأن أغلبية شعبها ونظامها الحاكم من المسلمين الشيعة ، بمعنى أنه لو لم تكُن إيران شيعية لما عادوها ! والشعب الإيراني كما هو معلوم كان في باديء الأمر غالبيته من المسلمين السُنّة وحينها لم يكُن هنالك أي تحسس طائفي منهم ولكنه تشيع في حادثة معروفة عندما طلّق الشاه الإيراني (خدابنده) زوجته ثلاث مرات وإحتار في إرجاعها وبعد أن إستفهم من علماء المذاهب السنية الأربعة لم يجد جواباً مقنعاً فأشار عليه أحدهم أن يستفتي عالماً كبيراً للمسلمين الشيعة إسمه العلامة السيّد الحلّي ، وبعد أن حضر السيد الحلي مجلس الشاه “خدابنده” نزع نعاله ووضعه تحت أبطه ودخل المجلس فقيل له لماذا تفعل ذلك وأنت بمحضر الشاه وهذا الفعل لا يليق فأجابهم بأنه يخاف أن يسرقه الحنفية كما فعلوا عندما سرقوا نعلي رسول الله “ص” فإعترض عليه علماء الحنفية الحاضرين وأنكروا أن يكون إمام مذهبهم موجوداً في عهد النبي “ص” وبالتالي فإن نسبة الحادثة إليهم باطلة ، ثم إستدرك السيد الحلي أنه ربما نسي وأن الفاعل كان الشافعية فإعترضوا عليه وقالوا مثل مقالة الحنفية ، ثم فعل مثل ذلك مع المالكية والحنابلة حتى إعترفوا جميع علماءهم أن أئمة مذاهبهم لم يكونوا موجودين في زمن الرسول “ص” وأنما بعد سنين طويلة وقرون . حينها إلتفت السيد السيد الحلي للشاه “خدابنده” وقال له إننا (الشيعة) نتبع الإمام أمير المؤمنين “ع” الذي هو أخو رسول الله “ص” ونفسه التي بين جنبيه ووصيه . وإن طلاقك لزوجتك باطل لأنه لم يتحقق فيه الشروط ومنها الشاهدان العدلان … إلخ فتشيع الملك “خدابنده” بعد هذه الحادثة ثم بعث في الأقاليم الإيرانية ليخطبوا بأسماء وذكر المعصومين الإثني عشر عليهم السلام وأن تُضرب السكك (العملات المعدنية) بإسمهم وأن تنقش على أبواب المساجد والمشاهد . ومن يومها أصبح التشيع دين الدولة الإيرانية الرسمي .

وقد إزداد عداء هذه الشريحة (المعادي ـ الطائفي) لإيران أكثر عندما إنتصرت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 فأصبح يُنظر لها بأنها تمثل خطراً وتهديداً لهم .

وهذه الشريحة يتميزون بالتناقض والإزدواجية التي يحملونها في التعامل مع كُل ما يتعلق إيران فمثلاً تجد عدائهم تجاه علماء الشيعة ذوي الأصول الإيرانية ويطعنون بكل شيء فيهم ولكن الأمر ينقلب ويختلف تماماً عندما يتم الحديث عن فارسية وإيرانية أئمة وعلماء المذاهب السنية مثل أبو حنيفة وعبد القادر الكيلاني والبخاري … إلخ ، وهذا الأمر يُذكّر بقصة طريفة حصلت عندما إلتقى الرئيس العراقي الطائفي عبد السلام عارف مع المسؤولين الإيرانيين فطالبهم بإستعادة جثمان هارون العباسي المدفون في مدينة خراسان الإيرانية لا لشيء إلا لأنه (خليفة عربي !) والأولى أن يُدفن في البلاد العربية حسب رأيه فما كان من المسؤولين الإيرانيين إلا أن يوافقوا على طلبه هذا شريطة أن يُعيد إليهم جُثمان أبو حنيفة إمام المذهب الحنفي المدفون في بغداد لأنه فارسي إيراني فخاب عبد السلام عارف وأُفحِم فَسَكَت وَلَم يَعُد لمثل هذه الدعوات .

2 ـ الإتجاه المعادي المتَشَنّج :

وهو إتجاه ينظر بسلبية إلى إيران ولكنّهُ لا يصل إلى مرحلة العدوانية وأسبابه ليست قومية ولا طائفية وإنما يُمكن القول أنها أسباب ودوافع وتأثيرات سياسية بحيث تطرح إيران هذا الإتجاه على أساس أنها تتدخل في الشأن العراقي وبشكل سلبي يؤدي إلى الإضرار بالمصالح العراقية .

ويتميز هذا الإتجاه بفاعلية مواقع التواصل الإجتماعي الإلكترونية وإمتلاكهم جيوش إلكترونية كبيرة تحاول أن تعطي إنطباعاً أن أغلبية الشعب العراقي يقولون بما يروج له هؤلاء .

وهذا الإتجاه هو الأكثر إنتشاراً في الوقت الحاضر وخصوصاً في العراق ، وأحياناً تتصف هذه الشريحة بـ(العداء التنافُسي) تجاه إيران وبالتالي فإنه في الواقع ليس عداءً بالمعنى الحقيقي للعداء بل هو تنافس سببهُ التمايز الثقافي يزداد قوة وضعفاً بحسب التأثيرات السياسية الداخلية والخارجية وخصوصاً من قبل وسائل الإعلام والجيوش الإلكترونية التي من شأنها التأثير على الرأي العام العراقي .

3 ـ الإتجاه التبعي (المتماهي) :

ويتصف بهذا الإتجاه بعض الأحزاب (الإسلامية) المرتبطة بإيران إرتباطاً عقائدياً وتنظيمياً يرى في إيران العُمق والأصل والأساس لإيمانهم بولاية الفقيه التي تعتبر جميع الأمة الإسلامية أمة واحدة ولا تعترف أو تتأثر بالحدود التي أوجدها الإستعمار البريطاني والفرنسي والإسرائيلي وغيره كما حدث في إتفاقية (سايكس ـ بيكو) فتلاحظ في مواقفهم التماهي التام في كل المواقف والتحركات دون أي إعتبار للهوية العراقية والخصوصية الوطنية . ويبدو أن هذه الحالة ليست خاصة بهذا البعض من الأحزاب (الإسلامية) المرتبطة بإيران وإنما سبقهُم لذلك أحزاب علمانية كالحزب الشيوعي الذي إشتهرت عبارة تصفه بهذا المعنى تقول (إذا أمطرت السماء في موسكو رأيت الشيوعيون في بغداد يرفعون المظلات !!) في كناية بليغة عن مدى إرتباط وتبعية الشيوعيين للإتحاد السوفيتي آنذاك وهو ما كانوا يبررونه بإيمانهم بالنظرية (الأممية) التي تتغلب فيها الآيديلوجية على حدود الأوطان !

4 ـ الإتجاه الطبيعي (الواقعي) :

هذا الإتجاه ينطلق من المصالح العراقية في إتخاذ القرارات والمواقف وفي نفس الوقت ينظر إلى الجمهورية الإسلامية في إيران على أنها حليف إستتراتيجي وأنه لا داعي أبداً لأي مواقف عدوانية أو متحسسة منها بل الأصح هو العمل على بناء علاقة التعاون الإيجابي بين البلدين الجارين والشعبين الشقيقين دون أن يؤثر كل ذلك على خصوصيات وقرارات الشأن العراقي ومستقبله ومصيره .

وهذا الإتجاه هو الأندر كونهُ يتصف بالواقعية والعقلانية في التعاطي والتفاعل مع الموضوع الإيراني ، فهو ينظر إلى إيران على أنها الجار الأهم للعراق من حيث المسافة الحدودية المشتركة الأطول (1400 كلم) وهي الدولة الأكثر إيجابية في كل محطات العلاقة مع الدولة العراقية مُنذ العام 2003م وأثبتت أنها الأسلم والأصدق والأوفى مع العراق والعراقيين من حيث دعم العملية السياسية رغم كل الهجمات والإعتداءات التكفيرية التي حصلت من دول الجوار العربية !

كما أن هذا الإتجاه (الواقعي) ينظر إلى الجمهورية الإسلامية في إيران على أنها الدولة الأبرز في المنطقة التي تحمي مُكتسبات الشعوب وتدعم طموحاتها في مشروع تحرير ومُقاومة الحكام الظالمين وأنظمتهم المستبدة والطائفية رغم كل ما تتلقاه من ضغوطات وحصار ومؤامرات وإعتداءات من مشروع المحور الذي يقوده الكيان الإسرائيلي وأمريكا .

وبالتالي فإنهُ وبعد سنوات طويلة من التجارب المُتراكمة التي أكدت وأثبتت صدق وسلامة التعاطي والتفاعل الإيراني مع دول محور مشروع المقاومة والمُمانعة وبالأخص مع العراق فإن المنطق الواقعي في مثل هذه الحالة أن تكون العلاقات بين الشعبين والحكومتين العراقية والإيرانية هي الأقوى والأمتن والأوسع والأوثق فضلاً عن المشتركات المذهبية والإجتماعية والثقافية المشتركة التي تستدعي علاقات خاصة ومُميزة مع إيران أكثر من غيرها .

أُسُس العلاقة ومبانيها بين العصائب وإيران

بطبيعة الحال فإن الإتجاه الرابع (الطبيعي ـ الواقعي) المشار إليه أعلاه هو الإتجاه الذي ينطبق على رؤية ومنهج حركة عصائب أهل الحق تجاه إيران والتي ترى في إيران حليف صادق وصائب في أهدافه وسلوكه السياسي والعقائدي وهو ما يُمكن بيانه من خلال توضيح المباني التي تستند عليها هذه العلاقة والرؤية ومن خلال ما يلي :

1/ (أنصار) وليس (أتباع) :

يُمكن إختصار طبيعة العلاقة مع إيران من منظور العصائب بأنها علاقة (الأنصار) من كلا الطرفين وليس علاقة (الأتباع) فالعصائب ترى نفسها في موقف تأريخي يتطلب ويستدعي أن (تنتصر) للجمهورية الإسلامية في إيران وأن تقف معها في السراء والضراء وعلى جميع المستويات السياسية والعسكرية والثقافية والإنسانية والإقتصادية وغير ذلك نظراً لما تمثله إيران من نموذج تحقق من خلاله (حلم الأنبياء) كما عبر عن ذلك شهيد العراق آية الله العظمى السيد مُحمّد باقر الصدر “رض” . أي أن هذه العلاقة هي علاقة إنتصار ودعم تكاملي وليس علاقة (إتباع) كما لو كانت مُرتبطة بإيران عضوياً فتأتمر بأوامرها ونواهيها . والفرق بين المفهومين كبير جداً .

أما علاقة العصائب بمفهوم ولاية الفقيه فهي علاقة (إيمان عقائدي وتكامل عملي وميداني) لا تصطدم بالمصداق الموجود في إيران المتمثل بآية الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي “دام ظله الوارف” والذي ينظر إلى حركة عصائب أهل الحق وأمينها العام الشيخ قيس الخزعلي نظرة إعتزاز وإحترام كبيرين .

وبعد إطلاع السيد الخامنئي “دام ظله الوارف” على تفاصيل عملية نوعية فريدة نفذها أبطال المقاومة الإسلامية في حركة عصائب أهل الحق علّق السيد الخامنئي “دام ظله” عليها بالقول : (أتمنى أن أسلم على جميع هؤلاء الأبطال في العصائب وأن أشكرهُم فرداً فرداً) ، وهي أمور تعكس طبيعة العلاقة المُمَيزة بين السيّد الخامنئي “دام ظله” وحركة عصائب أهل الحق وقادتها بما يساعد في خلق أجواء إنسجام (فقهي ـ سياسي) لا تؤثر فيه إختلاف الإجتهادات ومصاديق التقليد والفتوى .

2/ الإحترام المتبادل :

تنظر العصائب بإحترام كبير جداً للشعب الإيراني وتأريخه الحافل بالنظال والجهاد والإيمان ، وتأمل في الوقت ذاته من الشعب الإيراني وقيادته مُبادلة الشعب العراقي في الإحترام وعدم الخضوع لأخطاء تأريخية تسبب بها الحكام تؤثر على طبيعة هذه العلاقة بين الشعبين العراقي والإيراني . ومن ذلك ما تطرق لهُ في أكثر من مُناسبة الشيخ قيس الخزعلي الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق من إنكاره على بعض أصحاب التوجه القومي في الشعب الإيراني من وصف سلبي لأهل الكوفة وإتهامهم بالغدر في شعاراتهم بالوقت الذي لم يثبت أصلاً صحة هذا الإتهام لأن العراقيين عموماً وأهل الكوفة خصوصاً وَأن الروايات المُستفيضة قد وردت بمدحهم وبيان فضلهم وَوفاءهم لأهل البيت “ع” . وبالتالي فإن قوة العلاقة بين الشعبين ينبغي أن تكون مبنية على إحترام مُتبادل بما في ذلك في الجانب الثقافي والتأريخي . ولذلك فإننا نلاحظ أن أيم عام حركة عصائب أهل الحق سماحة الشيخ قيس الخزعلي قد شَرَعَ وفي أكثر من مناسبة وأبرزها المحاضرات الحسينية في الأيام العشرة الأولى من محرم الحرام 1440 هجرية التي حرص من خلالها إلى إزالة اللبس والتوهم الحاصل حولها من قبل شعوب المنطقة .

3/ إحترام الخصوصية والهوية الثقافية :

تتميز حركة عصائب أهل الحق برؤيتها المتكاملة لهوية المواطن العراقي الثقافية وخصوصيته بحيث لا يُمكن التنازل عن هذه الهوية أو التنازل عنها أو حتى التهاون بشأنها بأي شكل من الأشكال خصوصاً وأن الإنسان العراقي في منظور العصائب هو إنسان إستثنائي ترتبط إستثنائيته بأمور عقائدية تجعل منه ينتمي إلى شعب مُختار لعصر ظهور الإمام المهدي “ع” . وتتضح هذه الرؤية للخصوصية الثقافية حتى في سلوكيات قادة العصائب إبتداءً بأمينها العام الشيخ قيس الخزعلي الذي كان في فترة وجوده في قم المقدسة بإيران (2009 ـ 2011) بعد تحريره من مُعتقلات الإحتلال الأمريكي كان يُصر على إرتداء زيّه الحوزوي (الصاية) على نفس طريقة الزي في حوزة النجف الأشرف العراقية والتي يكون فيها جيب العباءة (الصاية) اليمين فوق جهة اليسار بعكس ما كان يفعله بعض الطلبة العراقيين في الحوزة العلمية في قم المقدسة حيث يرتدونه بإتجاه الزي بالعكس وفقاً لعادات الحوزة العلمية في قم المقدسة . وهذا السلوك يعطي نموذجاً عن طبيعة الشخصية العصائبية وإعتدادها بهويتها الثقافية سواءً من خلال الزي أو اللغة أو التأريخ .

4/ التعاون المشترك :

التعاون العراقي الإيراني أصبح أفضل نماذج التعاون المشترك على المستوى الشعبي والرسمي ، فإيران هي أول دولة في العالم إعترفت بالنظام السياسي الجديد بعد تشكيل مجلس الحكم العراقي عام 2003م وهي أكثر دولة دَعَمَت العراق إقتصادياً وأمنياً للوقوف بوجه الإرهاب وخاصة بعد إعتداء الزمر التكفيرية لداعش في حزيران 2014 والمؤامرة العالمية على العراق ووجوده شعباً وأرضاً ومُقدسات . فكانت إيران الدولة الوحيدة التي وقفت بجانب العراق حكومة وشعباً فأوصلت له السلاح والعتاد في أول 24 ساعة من إعتداء وهجوم زمرة “داعش” ، وساعدت في تدريب فصائل الحشد الشعبي والمقاومة الإسلامية في الوقت الذي بقيت جميع دول العالم تتفرج على هجمات الزمر التكفيرية وإعتداءاتهم الكارثية .

وحول هذه النقطة تحديداً يُشير سماحة الشيخ الخزعلي إلى أن الجمهورية الإسلامية في إيران أثبتت في الحرب مع زمرة “داعش” أنها كانت توفر الدعم اللازم للعراقيين بلحاظ علم وموافقة الحكومة العراقية وأيضاً مراعاة وحدة العراق أرضاً وشعباً دون تمييز .

ضابطة أساسية في العلاقة مع إيران

ينبغي الإلتفات إلى قضية مُهمة في طبيعة العلاقة بين العصائب وإيران يُمكن مُلاحظتها في طبيعة العلاقة بينهُما وأشكال وأنماط السلوك بينهُما وهي ضابطة (العدالة) التي تُعتبر أساس كُل مُعتقدات المسلمين الشيعة بدءً من (أصول الدين) وأيضاً كونها شرطاً من شروط إمام الجماعة والمرجعية وحتى على مُستوى إدارة شؤون المؤمنين من قبل (عدول المؤمنين) ، وهكذا فكلما زادت أهمية المنصب كلما زادت أهمية العدالة .

وبالتالي فإن هذه الضابطة تنطبق أيضاً على منصب الولي الفقيه والذي يُفترض أن تكون أبرز علامات عدالته هي تطبيق مفهوم العدالة على جميع المناطق والبلدان التي تتصل وتتفاعل وتتأثر بشخص ونظام الولي الفقيه ، فالمأمول بل المفروض منه أن يتعامل مع مصلحة البلاد الأخرى (غير الإيرانية) تماماً كما يتعامل مع مصلحة إيران (بلد الولي الفقيه) لا أن يُقدم مصلحة إيران على هذه البلاد والمناطق غير الإيرانية وإلا إنتفت العدالة منه لا سَمَح الله وبذلك لن يعود ولياً لأمر المسلمين ، وهذا الأمر هو مما لاحظته ولمسته حركة العصائب مُنذ تأسيسها في 3 آيار 2003م في شخص وقيادة آية الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي “دام ظله الوارف” فقد كانت جميع مواقفه وسياساته مع العراق (والدول الأخرى) تتبين فيها العدالة التامة والحرص على مصلحة العراق تماماً كالحرص على مصالح إيران وعدم تقديم مصلحة بلد على آخر لكونه ولياً لأمر جميع المسلمين وليس مُسلمي إيران فقط .

التعليقات مغلقة.