باكورة الإنسحاب الأمريكي من غرب آسيا

514

باكورة الإنسحاب الأمريكي من غرب آسيا

بقلم / ماجد الشويلي

ما كان لأمريكا أن تفكر بالإنسحاب من أفغانستان على النحو المذل الذي وافقت عليه وتجالس طالبان التي تصنفها على أنها في صدارة المنظمات الإرهابية العالمية لولا القرار الحاسم والجازم الذي إتخذه إمام المقاومة السيد الخامنئي بضرورة خروج القوات الاجنبية من غرب آسيا .

فبعد سقوط الطائرة الأمريكية وعلى متنها 100 عسكري أمريكي فوق المناطق التي تسيطر عليها طالبان وقيل أن المسؤول عن ملف الاستخبارات في إيران والعراق وأفغانستان وعن إغتيال الشهيدين الكبيرين الحاج قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس “مايك أندريا” كان أحدهم . أدركت الولايات المتحدة أن ثمة تماهياً بين إيران وطالبان يتعلق بالنظرة للتواجد الأمريكي في المنطقة مكنها من صياغة مُعادلة جديدة للردع على قاعدة

 ((عدو عدوي صديقي)) تحصل بموجبها طالبان على أسلحة مُتطورة قادرة على شل حركة الطيران في تضاريس أفغانستان المُعقدة وجبالها الوعرة .

ومن حقهم الأمريكان أن يفهموا ذلك وإن لم يكُن الأمر على نحو اليقين ، فعدو ذكي مثل إيران بالنسبة لهم قادر على جني ثمار التناقضات ببراعة تامة وتحويل التحديات الى فرص سانحة.

كما أن الحكمة تقتضي في مثل هذه الحالة ووفقاً لحساب الإحتمالات وتحقيق الربح والخسارة أن ينظر الأمريكان للتقارب بين طالبان وإيران على أنهُ واقع بالفعل لأن كُلفة التغاضي عنه _وهو إحتمالٌ جداً وارد_ باهضة إلى حد ليس بوسع أمريكا تحمله .

فالإنسحاب بطريقة دبلوماسية خير من الهزيمة المخزية .

لكن على ماذا يُدلل انسحاب أمريكا من أفغانسان وما هي المؤشرات التي يُمكن البناء عليها :

 أولاً :

أن إيران تمتلك رؤية ستراتيجية عميقة ومُميزة لطبيعة الصراع المُحتدم بينها وبين أمريكا في المنطقة وتعتقد بإمكانية الوقوف على أرضية مُشتركة مع كل القوى التي تناصب العداء للولايات المتحدة بغض النظر عما بينها وبين تلك القوى من تباينات .

ثانياً :

إن إيران قادرة على تحويل كل التحديات الى فرص والتكيف مع كل الظروف والملابسات التي تحيط بها

ففي الوقت الذي ظنت فيه أمريكا بأنها أحكمت الطوق على الجمهورية الإسلامية من جهة الشرق في أفغانستان ومن الغرب في العراق وجدت إيران ضالتها في ذلك فدعمت المقاومة في أفغانستان والعراق حتى أرغمت الأمريكان على القبول بالإنسحاب من العراق نهاية 2011 وعزمها مُغادرة أفغانستان بعد 14 شهراً من الآن .

ثالثاً :

إيران وجدت أن طالبان اليوم هي ليست طالبان الأمس التي كانت مدعومة من الخليج ، ولا تمتلك عُمقاً سياسياً وفهما لمُمارسة العمل الدبلوماسي بل وجدت أنها تعيش حالة من التحول النسبي بإدراك إستحقاقات المرحلة الراهنة وضرورة التعايش معها .

رابعاً :

إيران تدرك أيضاً ان امريكا قد استنزفت بشكل كبير في افغانستان وهي تبحث عن مخرج لها من هذه الورطة حتى وان كان ذلك المخرج هو قناعتها بضرورة الجلوس وجه لوجه مع طالبان لبحث موضوع انسحابها من افغانستان واشتراكها في الحكومة الافغانية .

خامساً :

إيران عملت على تعزيز دور طالبان بوصفها الضد النوعي لداعش وقد جرى بينهُما تعاون عسكري بهذا الصدد على مُستوى التسليح والعمليات المشتركة لضرب داعش التي تُحاول الإنتشار والتوسع في أفغانستان .

سادساً :

لدى الجمهورية الإسلامية تصور وقناعة بأن أمريكا تفكر بجدية مُغادرة المنطقة ولذا فهي تعتقد أن قبولها بالانسحاب من افغانستان بوابة للخروج من العراق والمنطقة بعد ذلك

سابعاً :

إن تمكّن طالبان من إرغام امريكا على توقيع اتفاقية الانسحاب من افغانستان هو ثمرة للتعاون ما بين قطر وإيران وروسيا كذلك .

إذاً فإن المنطقة التي أطلق عليها غرب آسيا تعيش إرهاصات حقيقية لجلاء الأمريكان منها سواء بمشيئتها أم رغماً عنها .

التعليقات مغلقة.