تأملات بخطاب الإمام الخامنئي الأخير

470

تأملات بخطاب الإمام الخامنئي الأخير

بقلم / ماجد الشويلي

إن النظر والتأمل بمفردات خطاب القائد الخامنئي اليوم من على منصة صلاة الجمعة في طهران ؛ بُغية تحليله وسبر أغواره ، بمعزل دون الإلمام بما يُحيط بالخطاب من ظروف ومُلابسات ، يفقدنا الكثير مما يجدر بنا فهمه ومعرفة مغازيه .

ولذا فإن حضور القائد ليؤم المصلين بصلاة الجمعة بعد ثماني سنوات من آخر صلاة له فيها فإن ذلك يعني :

أولاً :

أن القائد حرص على الظهور أمام الأمة وجهاً لوجه بأشرف يوم في الأسبوع وهو يوم الجمعة . بما يحملهُ من دلالات روحية ومُرتكزات فكرية ، لها علاقة بالظهور المقدس لصاحب الأمر “عج”  عند جميع المسلمين .

ثانياً :

إن إختياره لمُشافهة الامة عبر الصلاة فيه معاني كثيرة يقف في مُقدمتها أن صلاة الجماعة مظهر من مظاهر الوحدة والتلاحُم بين أفراد الأمة وهو الأساس في الإستعداد لمواجهة المستكبرين .

ثالثاً :

حرص القائد على توجيه خطابه للشعوب العربية بلُغة القرآن ، يرمز لتكريم الشعوب العربية وإحترامها . وفيه إشارة على أن جُغرافيتها تُشكّل الميدان الرئيسي للمواجهة الحاسمة ، وأن هذه الشعوب بإرثها الحضاري الإسلامي وما تُعانيه من ويلات الهيمنة والغطرسة الأمريكيّة ، وإغتصاب جُزء مُهم من أراضيها ومُقدساتها ينبغي لها أن تكون سباقة في التصدي لطرد الوجود الامريكي من المنطقة وهي قادرة على ذلك .

رابعاً :

بدا الإمام الخامنئي وكأنه يحمل غصن الزيتون بيده الأولى ليُقدمه لشعوب المنطقة وخاصة العربية منها ، ويدعوهم للتكامل والتعاضد على كل المستويات وفي اليد الاخرى يحمل السلاح ويوجه لصدور الأعداء  ، وهو يتوعدهم بمصير أسود فيما لو فكروا بالبقاء في المنطقة .

خامساً :

يبدو لي أن إختيار الإمام الخامنئي لذكر الآيات التي وَرَدَت على لسان موسى “ع” وهو النبي الذي يؤمن به المسيحيون واليهود والمسلمون على حد سواء ، وينتخب الآية التي يدعوه الله فيها لتذكير قومه (بنو إسرائيل) بأيام الله لا يقتصر فيها مُراد الإمام الخامنئي على تذكير أبناء الأمة الاسلامية فحسب ، وإنما لأجل تذكير اليهود والمسيحيين على حد سواء ، بأنهُم كانوا ضحية الطواغيت (وخاصة اليهود وما واجهوه من الفراعنة) الذين ينبغي عليهم أن يكونوا رافضين للظلم ومُتصدين لمُقارعة المستكبرين ، لا أن يتحولوا هُم إلى طُغاة وجبابرة يستعبدون الشعوب ويمتصون خيراتها .

سادساً :

أكّد القائد الخامنئي أن يوم شهادة الشهيدين الكبيرين الحاج سليماني والحاج المهندس “رض” هو يوم من أيام الله فلا بد أن يؤرخ لهُ ويوضع لهُ تقويماً زمنياً خاصاً  يبدأ فيه العد العكسي لخلو المنطقة من الوجود الأجنبي إلى الأبد ببركة دماء هذين الشهيدين .

سابعاً :

ذكر القائد أن خصائص وعناصر قوة المُتغطرسين من الأمريكان وأذنابهم تكمُن بإمتلاكهم ناصية التقنيات والتطور التكنولوجي ، إضافة للماكنة الإعلامية الهائلة والمكر والخداع السياسي .

لكن دول المنطقة تمتلك ما هو أقوى من ذلك بكثير شريطة أن تتوحد مواقفها وتندمج قدراتها وتستحضر المد الإلهي الذي لا يأتي دون الإستقامة والإلتزام بقيم الدين الإسلامي .

ثامناً :

نفى الإمام الخامنئي ما يُسمى الحروب بالوكالة وأوضح أن الشعوب تشهد نهضة قيمية وتنامي في الوعي الذي يرفض الغطرسة الامريكية . وما دور إيران إلا أنها بصمودها وصلابتها حفزت عند هذه الشعوب روح المقاومة والثبات وأضحت إنموذجاً يُحتذى به .

تاسعاً :

كان يُبشّر في كلامه بقرب إنبلاج فجر حضاري جديد على الأمة وهذا الفجر مرهون بالقضاء على أسباب الفرقة ، ولم يرهن ذلك بالعُلماء وحدهم بل كان يراه مسؤولية كل أبناء الأمة

عاشراً :

ظهور مُصطلح غرب آسيا بقوة ليحل محل مُصطلح {الشرق الأوسط} الذي يُشير ضمناً إلى مركزية أوربا للعالم وتابعية الأقاليم الأخرى لهُ كالشرق الأدنى والأقصى والأوسط .

ومُصطلح الشرق الأوسط مُصطلح إستعماري النشأة ، والثورة الإسلامية في إيران ترفُضهُ لما فيه من معنى التبعية للغرب ولا تستعمله في أدبياتها السياسية .

وها هو الإمام الخامنئي اليوم يؤكد على أن القرار الجدي قد أتخذ بضرورة إخلاء منطقة غرب آسيا من المُستعمرين الجدد (التواجد العسكري الأمريكي) .

الحادي عشر :

أشار إلى أن الحرس الثوري تتّسم خطواته بالتثبت والتروي والصبر وكأنهُ يرد على من قلل من أهمية الضربة وظن بأنها نهاية المطاف .

الثاني عشر :

أكد الإمام الخامنئي أن هذه الضربة أولية ، ما يعني أن إيران تتحين الفرصة لإنتقاء الزمان والمكان المناسبين لتوجيه الضربة القادمة ولا وجود للحرب بالوكالة .

التعليقات مغلقة.