ثأر الإمام الحسين “ع”

1٬539

ثأر الإمام الحسين “ع”

بقلم / أحمد رضا المؤمن

ثأر الإمام الحُسين “ع” .. هذا الثأر المقدس .. مُقدس إلى درجة أن الإمام الحُجّة المهدي المنتظر “عج” يُطالب به عند ظهوره المقدس ، وهو ثأر طالب به قبل ذلك العديد من القادة والثوار الأحرار في الأمة الإسلاميّة “ع” ولكن أي ثأر هذا ..؟ و ممّن سيؤخذ ..؟!

إن الحديث عن مسألة ثأر الإمام الحسين “ع” والمطالبة به هو حديث له تفصيلات كثيرة ينبغي التوقف عند نقاطه البارزة ،

أن نثأر للمظلوميّة الإمام أبي عبد الله الحسين “ع” وأهل بيته وصحبه بعد ما حل بهم من جريمة بشعة لم يعرف لها التأريخ مثيلاً هو أمر لا يصعب فهمه ، فما من مُسلم لا بل كُل إنسان حر شريف عرف شيئاً عن واقعة الطف إلاّ وإضطرب عقله ووجدانه إستنكاراً للجرائم الشنيعة التي إرتكبها جيش يزيد ” لع” بحق بن بنت الرسول وأهل بيته “ع” فيصبح بشكل أو بآخر إلى مُطالب بثأر الإمام والقصاص من المجرمين أجمعين .

ولكن وفي هذه النقطة تحديداً أي القصاص من الجاني تأمل وتفكر وسؤال يطرح نفسه ، وهو أن من المعروف والمشهور تأريخياً بأن المختار الثقفي “رض” قد إقتص من الجُناة واحداً بعد آخر وقتلهم بأساليب قد تتلائم مع مدى بشاعة جرائمهم بحق الحسين “ع” ومن أُستشهد معه ، إلى درجة أرضت البيت المحمّدي العلويّ وأدخلت عليهم السرور وهو ما ورد عن الإمام الباقر “ع” أنهُ  قال : (لا تسبّوا المختار .. فإنهُ قتل قتلتنا ، وطلب بثأرنا ، وزوّج أراملنا ، وقسّم المال فينا على العسرة) .

إذاً فلماذا نستمر بعد ذلك بالمطالبة بهذا الثأر وننوء بحمله الثقيل على طول التأريخ من دون تحقيق شيئاً يُذكر من إستحقاق هذا الثأر ..!!

إن الحديث عن القصاص والثأر من قتلة الإمام الحسين “ع” وأهل بيته وصحبه إذا أردنا بيان معانيه و مدلولاته ودروسه الحضاريّة والتأريخيّة بشكل عادل ومُنصف فينبغي التأمل بهويّة الشخصيّة والقضيّة التي من أجلها نُطالب بالثأر المقدس هذا وثانياً الإستحقاق التأريخي لهذا الثأر ، أي أن قتلة الحسين “ع” الذين نطالب بالثأر منهم هل ينحصرون بشخص يزيد وعُمَر بن سَعد وشِمر بن ذي الجوشن والحصين .. إلخ ، لَعَنَهُم الله أجمعين والذين إنتقم الله تعالى من أغلبهم على يد المختار الثقفي كما سبق شر إنتقام وبالتالي تنتهي القضيّة و ينتهي معها كل شيء وتصبح قضيّة الحُسين “ع” و ثورته ليس أكثر من قُصّة إنتفاضة تتناقلها صفحات الكتب التأريـخيّة و كُتب السيرة والتراجم ليس أكثر .

إن شخص الإمام الحُسين “ع” ليس بالإمكان لأي شخص مُنصِف حتى ولو لم يكُن مُسلماً بأن يمُر عليهم مرور الكرام فالحُسين “ع” هو إمام معصوم مُفترض الطاعة وأبوه وصي رسول رب العالمين و أمّه سيدة نساء العالمين “ع” وأخوه الإمام الحسن الزكي المجتبى المظلوم “ع” ولهذا فإن الإمام الحسين “ع” ليس إسماً يُمر عليه مرور الكرام أو الحديث عن سيرته بكتاب أو أكثر ، وكذا فإن شكل الجريمة البشعة التي أرتكبت بحق الإمام الحسين “ع” ومن معه ليست جريمة عاديّة أبداً لقد كانت من البشاعة إلى درجة أن أي وصف لها لا يمكن أن يفي بدرجة المظلوميّة الكبيرة التي وقعت في طفوف كربلاء ،

إن التعاطي مع القضية الحسينيّة الكربلائيّة بكل عناصرها يتحوّل تلقائياً إلى تعاطي ظالم مُقصّر عندما نُحدد هذه القضية بحدود تأريـخيّة أو أسماء و أشخاص وأعيان وأماكن معيّنة ، إذ أن إسلوب التعاطي مع القضية الحُسينيّة لا يُمكن أن يفي حقه إلاّ عند تطبيق قول السيّد الخميني “رض” : (كُل أرض كربلاء .. وكُل يوم عاشوراء) .

فعندما نجعل من القضية الحُسينيّة بكُل عناصرها نُصب أعيُننا وفي كُل زمان ومكان ونَستلهِم منها الدروس والعبر الصّحيحَة فإنّها بالتأكيد سَتَصرخ ـ القضيّة الحُسينيّة ـ في وُجداننا وتستنهضنا وتُطالبنا بأخذ الثأر والقصاص لها من كُل ظالم ، من كُل مُفسد ، من كُل مُنحرف ، من كُل كافر ، من كُل عُتلّ زنيم ، من صدام الهدام ، من يزيد ، من نتنياهو ، من هتلر ، من ميلوسوفيتش ، ..إلخ ، من كُل طاغية مُتجبر ..

وأيضاً في كُل أرض ومكان ، في النجف الأشرف ، في كربلاء ، في العمارة ، في كركوك ، في الموصل ، في أربيل ، في القُدس ، في رام الله ، في غزّة ، في قانا ، في بنت جبيل ، في شبعا ، في كوسوفو ، في كابُل ..إلخ .

أي أن هذا الثأر في صورته ومفاهيمه الصحيحة هو مَدرَسَة إصلاحيّة تقدّميّة نهضويّة تجديديّة مُتكاملة لا تُطبق إلاّ (آلياً) في كُل زمان ومَكان عبر المطالبة بهذا لثأر المقدس وديمومة المطالبة حتى ظهور الإمام المهدي المنتظر “عج” المطالب بثأر جدّه الإمام الحسين “ع” .

التعليقات مغلقة.