الحرب الأهلية (الشيعية ـ الشيعية) في العراق .. متى ؟ وكيف ستندلع !

907

الحرب الأهلية (الشيعية ـ الشيعية) في العراق .. متى ؟ وكيف ستندلع !

تحقيق : أحمد رضا المؤمن / عصائبيون / خاص

لم يتفاجأ الكثير من المحللين السياسيين والمراقبين وحتى الكثير من القادة السياسيين والمرجعيات الفكرية والسياسية والدينية من تصريح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي “أفيف كوخافي” حديث خلال ندوة خاصة في ذكرى وفاة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق يوم 25 كانون الأول 2019 عندما قال : إنه (لا يُمكن لإسرائيل أن تترك فيلق القدس الإيراني ينشط في العراق في حال إشتعال الحرب الأهلية فيه ، وعندما تشتعل حرب أهلية في العراق ، الذي أصبح منطقة بلا سيادة وفيلق القدس ينشط هُناك ، حيث يتم نقل أسلحة مُتقدمة إلى هُناك ، لا يُمكن أن نترك هذا الأمر من دون مُعالجته ، ويجب إقتلاع القدرات الإيرانية من سوريا ، ولن نسمح لها بالتموضع عسكرياً في سوريا ولا حتى في العراق . وأن إيران تزيد عدوانها ضد دول الخليج وأيضاً بإتجاه إسرائيل ، ونحن نرد على الإعتداءات وسنواصل الرد ، وإحتمال وصولنا إلى مواجهة مع إيران ليست مُستبعدة ، وأنه في الوضع الإستراتيجي يطرأ على المنطقة تغيير عميق ، وهُناك ازدياد ملحوظ بالتهديدات ، وهُناك فرصة كبيرة تكمُن في حُرية العمل التي تتمتع بها إسرائيل في أنحاء الشرق الأوسط ، بالإضافة إلى أن الدول السنيّة تعتبر فرصة كبيرة لنا وهي جاهزة لتطوير عدد من الأمور معنا).

هذا التصريح الإسرائيلي (الصريح والواضح) رغم خطورته الشديدة إلا أنه لم يكن مفاجئاً لأن الأمور في العراق ومنذ بداية التظاهرات في 1 تشرين الأول 2019 بدأت تتسارع تفاصيلها لتشكل مقدمات واضحة من شأنها أن تؤدي إلى إندلاع الحرب الأهلية وهذه المرة بين الجمهور الشيعي ـ الشيعي .

تحذيرات وتنبيهات ومناشدات ..

منذ بداية التظاهرات الإحتجاجية في الأول من تشرين الأول 2019 حذرت قوى وشخصيات كثيرة من خطورة توجه الأمور نحو إندلاع الحرب الأهلية الداخلية وبين الشيعة منهُم تحديداً .

الإعتداء على مرقد الشهيد السيد محمد باقر الحكيم كاد أن يشعل فتنة في محافظة النجف الأشرف

وتزايد قلق الناس وتصاعد كثيراً بعد تكرار حوادث الإعتداء على قادة ومقرات الحشد الشعبي كما حصل في حادثة قتل الشهيد القائد وسام العلياوي وأخوه ومن ثم التمثيل البشع بجثته وتكرار الأمر في حادثة ساحة الوثبة مع الشهيد هيثم علي البطاط وإيقونة ساحة التحرير الشهيد أحمد مهنة اللامي وكذلك الإعتداء على مرقد الشهيد السيد محمد باقر الحكيم حتى وصل الأمر بالأهالي وشيوخ العشائر إلى توجيه نداء إستغاثة للمرجع السيد السيستاني لإنقاذ الوضع والتدخل سريعاً ، حيث جاء في رسالتهم إليه :

(نناشدكُم أن يكون لكُم موقف مما يجري من حالة إنهيار الدولة وانعدام القانون وإطلاق يد العصابات والمافيات وأصحاب الأتاوات تحت غطاء التظاهرات ..

ونعلم جيداً أن السياسيين ملأوا قلبك قيحاً وأحزابهم عاثت بالأرض فساداً ودماراً وفقراً ، وأنت تريد تأديبهم وتريد للناس أن تطالب بحقوقهم ، لكن الأمر لا يتحمل مزيداً من التأخير ففي كل لحظة تسفك دم بريء وتروّع عوائل وتحرق الدور والدوائر وتقطع الطرق العامة .

نحن أبناء العشائر أسلحتنا جاهزة وأرواحنا مُستعدة للشهادة ، فإذا يتطلب الأمر نحن نواجه الأحزاب والفاسدين ونبعد كُل من يستغل التظاهرات ليحصل على المال والمناصب .

فالموظفين يُهانون والمعلمين والمدرسين والأساتذة والأطباء وغيرهم يشتمون يوميا ويهددون ومنهم من تعرض للضرب والأذى.

مشاريع الخدمات جميعها تعطلت في الجنوب ، ونحن في ضياع ولا حل في الأفق ، والأجهزة الأمنية إنهارت وإنهانت وهي تريد من يحميها لا هي من تحمي الناس وتفرض القانون .

نناشدك عاجلاً أن توقف نزيف الدم وتوقف الفوضى ، والله الحرب الأهلية قادمة ولا أحد ينجو منها).

وحتى المرجعية الدينية في النجف الأشرف نفسها حذرت أكثر من مرة من التصرفات التي تؤدي إلى منزلقات خطيرة تقود إلى الحرب الأهلية

ومن ذلك ما جاء في خطبة المرجعية في صلاة الجمعة بتأريخ 25 تشرين الأول 2019 عندما قالت :

(.. إنّ تأكيد المرجعية الدينية على ضرورة أن تكون التظاهرات الاحتجاجية سلمية خالية من العنف لا ينطلق فقط من إهتمامها بإبعاد الأذى عن ابنائها المتظاهرين والعناصر الأمنية، بل ينطلق أيضاً من حرصها البالغ على مُستقبل هذا البلد الذي يعاني من تعقيدات كثيرة يخشى معها من أن ينزلق بالعنف والعنف المقابل الى الفوضى والخراب ، ويفسح ذلك المجال لمزيد من التدخل الخارجي ، ويصبح ساحة لتصفية الحسابات بين بعض القوى الدولية والاقليمية ، ويحدث له ما لا يُحمد عُقباه مما حدث في بعض البلاد الأخرى من اوضاع مريرة لم يمكنهم التخلص من تبعاتها حتى بعد مضي سنوات طوال) .

وفي بيان آخر للمرجعية تمت تلاوته في خطبة صلاة الجمعة بتأريخ 29/تشرين الثاني/2019 جاء فيه :

(إنّ الأعداء وأدواتهم يخططون لتحقيق أهدافهم الخبيثة من نشر الفوضى والخراب والانجرار الى الاقتتال الداخلي ومن ثَمّ إعادة البلد الى عصر الدكتاتورية المقيتة ، فلا بد من أن يتعاون الجميع لتفويت الفرصة عليهم في ذلك) .

وعلى مُستوى العقلاء والحكماء والرموز فإن سماحة الشيخ قيس الخزعلي حذر مراراً وتكراراً من السيناريوهات السوداء والمشاريع المشؤومة التي يراد منها تدمير العراق وتحطيمه وتوريطه بحرب أهلية داخلية خصوصاً إذا حصل الإصرار على تصرفات وإجراءات يراد منها تحقيق هذه المشاريع بكل الأشكال ومن ذلك قوله في مقابلة تلفزيونية على قناة الميادين بتأريخ 27 كانون الأول 2019 : (أن إجراء الإنتخابات في ظروف غير مستقرة سيكون مُقدمة لحرب أهلية) .

من الذي يدفع للحرب الأهلية (الشيعية ـ الشيعية) ؟؟

هناك جهات عديدة وكثيرة لديها مصالح كثيرة تدفعها لتنفيذ مشروع فتنة دموية سوداء تتمثل بإيقاع حرب داخلية (شيعية ـ شيعية) لتحقيق أهدافها عبر مشروع الجوكر ، ومن هذه الجهات ..

أمريكا وإسرائيل .. وحدة مصير وهدف

1 ـ أمريكا وإسرائيل ..

وهما لم يخفيا سعيهما لإستغلال أجواء التظاهرات لتحقيق أهدافها كما صرح رئيس وزراء العدو الإسرائيلي “بنيامين نتن ياهو” بأنه يُنسق مع “ترامب” بإستمرار وأنها فرصة كبيرة لهم ، حيث إعتبر “نتنياهو” أن إحتجاجات العراق ولبنان وإيران “فرصة كبيرة” للضغط على طهران ، وذكر أنهُ إتفق مع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” على إستغلالها .

إذ قال “نتنياهو” في تصريح أدلى به يوم الأربعاء 4/كانون الأول/2019 فور وصوله إلى مدينة لشبونة للقاء وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” أن : (المظاهرات في لبنان والعراق وإيران تعطي فرصة كبيرة لتعزيز الضغط على النظام الإيراني).

وأشار نتنياهو إلى أنه لا سَبَب لمُساعدة إيران ، مُتحدثاً عن الدول الأوروبية التي تحاول الإلتفاف على العقوبات الأمريكية ضد البلاد ، وشدد على ضرورة تكثيف الضغط عليها ، لكنه إعتبر مع ذلك أن المظاهرات نفسها تمثل “أرضية خصبة” لإضعاف الجمهورية الإسلامية.

ولفت إلى أنهُ يواصل الاتصالات الدورية مع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قائلاً : (يوجد بيننا تنسيق إستخباراتي وعملياتي ، هو قرّر تطبيقه ، بما في ذلك فرض العقوبات والإنسحاب من الصفقة النووية).

كما أضاف “نتنياهو” في تصريحه أنه إتفق مع كل من “ترامب” و”بومبيو” على إستغلال التظاهرات في إيران والعراق ولبنان كآلية لتعزيز الضغط على السلطات الإيرانية.

2 ـ أنظمة الخليج (الإمارات ـ السعودية)

إتسمت التظاهرات بالإنسيابية في بدايتها ولكن سرعان ما لوحظت أيادي خفية وبجنسيات عربية وأجنبية تحاول حرف مسار السلمية إلى مسار العُنف والضرب والفتنة بين من يحمي المتظاهرين من القوات الأمنية وبين المعتصمين من جهة أخرى لإشعال حرب أهلية لن تكون نتائجها إيجابية.

وإرتكزت هذه الأيادي إلى إعتماد طريقة التمويل عبر شراء ذمم البعض ممّن لا يريدون الخير لهذا البلد العظيم وممّن طاوعته نفسه بالتآمر ضد أبناء بلده من أجل بعض النقود التي لا قيمة لها مُقابل ما يقوم به من جريمة في إشعال فتيل الفتنة بين أبناء بلده بواسطة المال السعودي والإماراتي إضافة إلى الأمريكي والصهيوني هذه البلدان الطامعة بخيرات هذا البلد العظيم الذي وقف بجميع مُخططاتهم الإرهابية الرامية إلى تدميره وسلب ونهب خيراته.

شهود عيان في ساحة التحرير والتي هي مكان تظاهرات العاصمة بغداد تحدثوا عن وجود جهات غير معروفة المصدر تتجول بين المتظاهرين وتتحدث إليه سراً وبإنفراد وهُم يحملون أموالاً ضخمة تصل إلى 40 أو 50 مليون دينار عراقي في مُحاولة لإغراء وشراء البعض للعمل إلى جانبهم في تنفيذ مُخططهم الإرهابي .

وبحسب شهود العيان فإن هؤلاء المتجولون دائماً ما يحملون الأموال معهُم ويُحاولون العمل بعيداً عن الأضواء وبعيداً عن مرآى وسائل الإعلام أو القوات الأمنية وهو ما يجعل الشُبهات تحوم حولهُم.

وَنَجَحَت هذه الأموال في شراء ذمَم البعض وتم تدريبهم وتجهيزهم لهذا الغرض الذي يتم العمل به الآن وإحداث إضطراب أمني في البلاد وزرع الخوف بين أبناءه عن طريق الترويج لدعايات كاذبة تتعلق بحدوث إقتتال وحرب شوارع إلا أن الحقيقة مُغايرة تماماً لذلك كون أن المتظاهرين السلميين الذين خرجوا فعلياً للمُطالبة بحقوقهم لن يرضوا بإراقة قطرة دم واحدة.

من جانبها سلّطت صحيفة الاخبار اللّبنانية في خبر لها الضوء على الأيادي الخفية التي رافقت تظاهرات العراق وعملت على إشعال الفتنة بين أبناءه.

وقالت الصحيفة أنهُ مُنذ تكليف عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة العراقية ، بدأ العمل على تهيئة الأرضية المناسبة لإطاحتها . عملٌ إتخذ في وسائل الإعلام صورة السعي إلى تصوير تلك الحكومة على أنها الأكثر فشلاً حتى قبل أن تنطلق عجلة عملها ، وتحميلِها مسؤولية كلّ أزمات البلاد المتقادمة من فساد ومُحاصَصَة وسوء خدمات معيشية ، وأما على الأرض ، فقد بدأ مُبكراً أيضاً الإشتغال على إسقاط عبد المهدي بإشراف الولايات المتحدة.

في التخطيط ، كانت دولة الإمارات هي مركز وضع الأفكار والآليات من قِبَل مُستشار الأمن الوطني “طحنون بن زايد آل نهيان” ، ومُستشاره الفلسطيني القيادي السابق في «حركة فتح» “محمد دحلان” ، ومدير مكتب الأخير “جعفر دحلان” .

أما التكلفة المالية ، والتي بلغت حوالى 150 مليون دولار أميركي ، فقد تحمّلتها السعودية ، في حين أُسنِد التنفيذ إلى مُنظمات المُجتمع المدني المموَّلة من السفارة الأميركية ، والتي يبلغ تعدادها في العراق اليوم أكثر من 50 ألف مُنظمة ناشطة ، مُوّلت عام 2019 فقط بـ(701) مليون دولار.

وحتى يضمن الأميركيون نتيجة التحرك ، أوكلوا مُهمّة المُتابعة الميدانية إلى غرفتَي عمليات : الأولى من داخل السفارة الأميركية حيث كانت عميلة وكالة الإستخبارات المركزية (CIA) المعروفة بـ«agent N» برتبة سفير معنية بالإشراف المباشر ، والثانية في «إقليم كردستان» ، وتحديداً في السليمانية .

ما يُعزّز تلك الرواية أن وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ، السفير السعودي السابق في العراق “ثامر السبهان” ، حرص طوال الصيف الماضي ، على التلميح أمام ضيوفه العراقيين إلى أن شهر تشرين الأول لن يكون كما قبله ، وأن هُناك حدثاً عظيماً سيضرب العملية السياسية في العراق ، بالتوازي مع حديث لعدد من المنظمات الشبابية طوال الفترة عينها عن أن زلزالاً سيضرب نظام الحكم في البلاد ، وأن العمل جارٍ على ذلك .

ويقول مسؤول عراقي بارز، في هذا الإطار، للصحيفة إنه رفع لوحده ، قبل إندلاع التظاهرات ، أكثر من (301) برقية إلى مكتب رئيس الوزراء ، تحذّر من إمكانية وقوع أعمال عنف وشغب قد تفضي إلى فوضى عارمة في البلاد .

ياسر الحبيب دعا من لندن إلى نقل التظاهرات من بغداد والمحافظات إلى منزل المرجع السيد السيستاني ومحاصرته لإجباره على إصدار فتوى لإسقاط الحكومة والنظام السياسي


3 ـ الحركات الدينية (الشيعية) المنحرفة

لم تخفي الحركات والأحزاب الدينية (الشيعية) المنحرفة حماستها الكبيرة ورغبتها في المشاركة والتمهيد لإندلاع أي حرب أهلية داخلية (شيعية شيعية) من شأنها إفساح الفرصة لها لإثبات وجودها ولو بشكل إفتراضي لأنها غير موجودة أو أنها ذات وجود ضعيف وغير مؤثر .

فمثلاً جماعات تتبع الفرقة الشيرازية في مقدمتهم المدعو (ياسر الحبيب) دعت من مقراتها وفضائياتها في لندن إلى التظاهر أمام منزل المرجع السيد السيستاني ومُحاصرته لإجباره على موقف يضطر فيه إلى إصدار فتوى لإسقاط نظام الحكم في بغداد ! وقد تزامنت دعوة ياسر الحبيب هذه في مطلع شهر كانون الأول 2019 تماماً مع معلومات أمنية تحدثت عن وجود تهديدات تستهدف المرجعية الدينية في النجف الأشرف تمهّد لحرب داخلية والتي سرعان ما إندلعت شرارتها في أحداث الإعتداءات على مرقد الشهيد السيد مُحمّد باقر الحكيم في مركز مدينة النجف الأشرف .

كما أن حركات دينية مُنحرفة (مهدويّة) تدعي أنها بقيادة (أحمد الحسن اليماني) هي الأخرى بدأت هجومها العنيف على المراجع في النجف الأشرف عبر قناتها الفضائية (الرايات السود) بشكل واضح وصريح ، بل أنها أعلنت أن الإمام المهدي “عليه السلام” قد ظهر فعلاً ومتواجد وحاضر بين المتظاهرين وأن مراجع الدين في النجف يؤخرون إستلام الامام المهدي “ع” للقيادة وإقامة حكومة العدل الإلهي وإستعادتها من النظام السياسي الحالي الذي يصفونه بـ(حكم بني العباس!) وبالتالي فإن من يؤخر إقامة هذه الدولة حسب قولهم هو وجود المراجع !

4 ـ حزب البعث

رغم الضربات التي تلقاها حزب البعث إلى الحد الذي جعل تأثيره ووجوده شكلياً أكثر منه واقعياً إلا أن شخصياته ورموزه قررت النفخ في روحه عبر إستغلال السخط الشعبي من فساد الطبقات السياسية والمحاصصة التي تسيطر على أوضاع ومصير البلاد حتى وصل الحال بالبعض إلى التمجيد بالنظام الصدامي المباد والحديث بحنين عن عهده الدكتاتوري وكأنه عهد الخير والسلام والرخاء !

بعد ذلك إستغل البعث هذه التغيرات بالنفخ إعلامياً وإجتماعياً نحو إستعداء العراقيين ضد إيران وكل ما يتعلق بها من قيادة وشعب وثقافة يعينهم على ذلك ماكنة إعلامية ضخمة جداً من الفضائيات والسوشيال ميديا والمواقف السياسية والإعلامية وغيرها إضافة إلى الدعم المخابراتي من كل دول العالم ولا سيما أمريكا والسعودية والإمارات والأردن .

حاول حزب البعث وخصوصاً في الشهرين الأولين من التظاهرات أن يدفع الأمور إلى إيقاع الحرب الداخلية لأنها ستفتح له الطريق للعودة بعد أن يجد التبريرات الكافية لعودته إلى الحياة السياسية بعد أربعة عقود دموية سوداء حكم بها العراق بالقمع والإرهاب والدماء والمقابر الجماعية .

وخلال فترة التظاهرات حاول البعثيون حثيثاً لإنجاح عودتهم من خلال خطوتين :

الأولى ، هي بث ونشر الأغاني والأناشيد والألحان والصور التي تمجد بحزب البعث وعهده ورموزه لتعطي إنطباعاً على أن الشعب العراقي عاد ليتقبل عودة حزب البعث .

الثانية ، تحريض المتظاهرين على أفراد وشخصيات وأحزاب ورموز الحشد الشعبي ومقراتهم والإعتداء عليهم بأسوأ حالات الإعتداء بما يساهم ويمهد لردود فعل من المعتدى عليهم تقود إلى إندلاع حرب أهلية داخلية وهو ما لم ينجح بسبب وعي وحذر قيادات وأفراد ورموز الحشد الشعبي لهذا المخطط المشؤوم مما أسهم بفشله سريعاً .

وجهات أخرى غيرها ..

أهداف الحرب الأهلية

الداعمون والعاملون على إندلاع الحرب الأهلية (الشيعية ـ الشيعية) لديهم قائمة أهداف طويلة ،

ولكن يُمكن تشخيص أهم هذه الأهداف من حيث الأولوية لديهم بالأهداف التالية :

1/ فور وقوع الحرب الأهلية وإنهيار مؤسسات الدولة تدخل القوى الأجنبية وأولها قوات التحالف بقيادة أمريكا وفرض حالة الطواريء ثم المجيء بـ(حكومة إنقاذ) موالية لهذه القوات .

2/ حل وإلغاء هيئة الحشد الشعبي ، وملاحقة قادته ورموزه ، وهو الهدف الذي طالما حاول وسعى أعداء العراق لتحقيقه منذ تأسيسه وتحقيقه للإنتصارات الإسطورية ووقوفه سداً منيعاً أمام كل أشكال التهديدات الأمنية ضد العراق ومقدساته .

3/ إيجاد الحجج والمُبررات الكافية لشرعنة تواجد القوات الأمريكية المحتلة في العراق والمتواجدة منذ مدة في العراق وواجهت إعتراضاً شديداً على المستويين الرسمي والشعبي العراقي .

4/ ضرب وإنهاء وإسكات المؤسسة الدينية الشيعية (الحوزة العلمية الشريفة) وتجميد دورها تماماً وفي أحسن الأحوال تحويلها إلى مؤسسة شكلية غير مؤثرة لتجنب معارضتها لأي قرارات أو مواقف تصطدم مع الدين وثوابته .

5/ القبول بصفقة القرن مع العدو الإسرائيلي والتي تستلزم الإعتراف بالكيان الصهيوني كدولة وإقامة السلام معه وإبطال المادة (201) من قانون العقوبات العراقي الذي ينص على عقوبة الإعدام بحق أي عراقي يمارس أي شكل من أشكال التطبيع والتواصل مع العدو الإسرائيلي ، ومن ثم القبول بإستيطان مئات الآلاف من الفلسطينيين ومنحهم المنازل ووسائل العيش الرغيد في المناطق الغربية من العراق في مقابل تسليمهم أراضيهم إلى اليهود الصهاينة .

6/ البدء بإجراءات تقسيم العراق من خلال تطبيق الفيدرالية بصورة تؤدي إلى تطبيق مشروع “جوزيف بايدن” سيء الصيت الذي يسعى إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات شيعية وسنية وكردية ومن ثم تقسيمها هي الأخرى لتحقيق وضمان الأمن القومي الإسرائيلي .

وأهداف أخرى كثيرة ..

كيف ؟

يُمكن إعتبار أهم آليات تنفيذ الفتن والحروب الداخلية وحتى الخارجية هي خلق وإيجاد سبب لمشكلة يُمكن تضخيمها وتأجيجها ومن ثم النفخ في نيرانها لتلتهم لاحقاً الأخضر واليابس .

ومن الواضح أن الجهات التي تسعى ليل نهار لخلق الفتنة في العراق من خلال إختراق التظاهرات السلمية وحرف مسارها الإصلاحي إستخدمت كل الوسائل التي تأمل من خلالها نجاح الفتنة وإندلاع الحرب الأهلية ومن ذلك الإغتيالات السرية (التي تتم غالباً بأسلحة كاتمة للصوت) والعلنية التي تحصل ضمن أجواء إنتقامية فوضوية كما حصل في حادثتي إغتيال الشهيد القائد وسام العلياوي وأخوه ومن ثم حادثة إغتيال الشهيد الشاب الحَدَث هيثم علي البطاط وما رافق الجريمتين من سلوكيات إجرامية بشعة وتمثيل جبان بالجثث .

الشيخ قيس الخزعلي : هناك جهات تسعى لخلق فتنة بين العصائب وسرايا السلام

إلا أن أخطر أنواع الإغتيالات الذي يجري هو إغتيال شخصيات محسوبة على سرايا السلام وخط السيد مقتدى الصدر ومن ثم إشاعة إتهامات بضلوع حركة عصائب أهل الحق بالجريمة لتأجيج الشارع والتمهيد لفتنة عمياء وهو المخطط الذي حذر منه ونبّه عليه الشيخ قيس الخزعلي الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق في لقاءه مع قناة الميادين بتأريخ 27/كانون الأول/ 2019 من وجود جهات تحاول خلق فتنة بين العصائب وسرايا السلام عبر إغتيالات من الطرفين .

متى ؟

لعل الإجابة على هذا السؤال (متى تندلع الحرب الأهلية في العراق ؟) هو السؤال الأخطر والذي يتحاشى أغلب الناس طرحه فضلاً عن الإجابة عليه ، لكننا ننظر للأمر بموضوعية بأن معرفة موعد إندلاع هذه الحرب يجب أن يحصل هو الآخر على أجوبة صريحة ودقيقة على التساؤلات التالية :

ـ هل أن إندلاع الحرب الأهلية (الشيعية ـ الشيعية) أمر حتمي أم أنه من المُمكن تجنبها ؟

ـ ما هي الخطوات السريعة التي يُمكن إتخاذها للحيلولة دون وقوع وإندلاع هذه الحرب ؟

الإجابة على هذه التساؤلات وغيرها مرتبط بشكل أساسي وكبير بوعي وبصيرة كل من القادة والشعب ، فمثلاً عندما تم إغتيال الشهيد القائد وسام العلياوي وأخوه ومن ثم التمثيل الوحشي الجبان البشع بجثتيهما كانت كل التوقعات تشير إلى أن الحرب الأهلية (الشيعية ـ الشيعية) ستندلع خلال ساعات قليلة ، ولكن نار الفتنة أطفئت خلال مراسم تشييع جثمان الشهيد العلياوي وأخوه عندما صرح الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي بأن الثأر من قتلة الشهيد سيكون من خلال القانون وأن اليد القابضة على السكين أمريكا وإسرائيل هي التي ستدفع الثمن (مربّع) ولن تنجح بإفتعال أي حرب أهلية .

هذه المواقف للشيخ الخزعلي وغيرها أثبتت وعياً وبصيرة ومسؤولية في الموقف التأريخي في مثل هذه الظروف الصعبة والحساسة ، ويبقى أن نشهد مواقف واعية ومسؤولة من الطبقات الشعبية بكل شرائحها الأكاديمية والعشائرية والطلابية والمهنية وغيرها . لأن مسؤولية إبعاد شبح الحرب الأهلية في أي بلد هي مسؤولية تضامنية يتكفل بها الواعون وأصحاب البصيرة من جميع الطبقات وليس من فئة دون أخرى .

ولعل موقف عشائر ذي قار عندما حصل إنهيار أمني خطير كان قاب قوسين أو أدنى من تدمير كل شيء إنبرت العشائر ونزلت في الميدان وهي تهزج (الملعب للسيستاني الملعب لا لمريكه ولالسعود) فأخمدت نيران الفتنة فوراً .

أي أننا ولكي نمنع حدوث كابوس الحرب الأهلية نحتاج إلى تصدي شُجاع وحكيم وحازم من الأهالي ليمنعوا بأنفُسهم أي فُرصة لحصول هذه الكارثة لأنها لا يُمكن أن تنجح عندما تكون الأرضية رافضة لها بصوت عالي بوضوح وشجاعة .

التعليقات مغلقة.