العبادي وعُقدة الحشد الشعبي

313

العبادي وعُقدة الحشد الشعبي

بقلم / أحمد الغريفي

أطلق حيدر العبادي بالأمس رصاصاته مُجدداً بإتجاه الحشد الشعبي الذي طالما إستهدفه بالسر والعلن بدءً من التشكيك بوطنية قيادته وتضحياتهم وبطولاتهم وصولاً إلى تهميشهم وعدم ذكرهم في بيان الإنتصار الذي ألقاه في نينوى بعد إكمال تحريرها وعرقلة حقوقهم المالية والقانونية .

إرتمى بأحضان السياسة البريطانية بأقصى ما يستطيع على أمل تحقيق أمنيته بالحصول على ولاية ثانية لرئاسة الوزراء والتي يبدو واضحاً أنها كانت مشروطة بالنجاح في حل الحشد الشعبي وتطبيق صفقة القرن .

لم يحسب حساباً إلى موازين القوى الجديدة التي إنبثقت من رحم تضحيات الحشد الشعبي وجائت بقوى كُتلة الفتح التي يتزعمها رموز وقادة معارك الحشد الشعبي ومهندسو الإنتصارات الحقيقية على “داعش” رغم كُل أشكال المؤامرات والتسقيطات الداخلية والخارجية .

كانت النتيجة هي ما أعلنه الشيخ قيس الخزعلي الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قبل فترة من الإنتخابات البرلمانية بأن (رئيس الوزراء القادم سيكون أما حشدياً أو بموافقة الحشديين) وهو ما حصل فعلاً .

أظهر العبادي جهلاً وغباءً سياسياً مُنقطع النظير عندما قبل بدور مواجهة الحشد مُعتقداً أن الإشكالات أو الطعون والتسقيطات التي سيطلقها ضد الحشد الشعبي بين الحين والآخر ستؤثر فيه أو تفُت بعضُد المؤسّسة الحشديّة وأنصارها ومُحبيها . فإذا به يَخسر في كُل يوم موقعاً بدءً بخسارته إمكانية عودته لرئاسة الوزراء لتصبح من الأحلام شُبه المستحيلة لهُ ومروراً بخسارته لأي مناصب مُعتد بها في التشكيلة الحكومية الحالية بفعل ضعف قائمته البرلمانية وإنتهاءً بخروجه من أي دور قيادي أو غيره في حزب الدعوة الذي قاد بالأمس حراكاً محموماً لأجل مُحاولة شقه والسعي لتزعمه فإذا به يصبح بحكم المطرود منه مع تأريخ دعوي يتهمه بإحداث أكبر مؤامرة وفتنة داخل الحزب كادت أن تقضي على الحزب وعلى تأريخه .

الرجل يعيش آثار الصدمة التي أفرغته من كل شيء بعكس من سبقه من رؤساء الوزراء الذين خرجوا من منصب رئاسة الوزراء ولكنهم بقوا في مواقع قيادية في أحزابهم أو في مناصب أخرى . بل أنه لم يحسم أمره من إنضمامه إلى من يسمون أنفسهم اليوم بالمعارضة ، رُبما لأنهُ يعلم جيداً أن المعارضة تحتاج إلى جمهور قادر على الضغط وهو لا يملك من هذا الجمهور شيئاً .

وفي اللقاء التلفزيوني الأخير الذي إتهم فيه الحشد الشعبي بوجود الفضائيين فإنه قد أدان نفسه بشكل فاضح بل ومضحك ، فالأمر إذا كان صحيحاً فلماذا لم يتخذ أي إجراء وهو المسؤول الأول والأعلى لهيئة الحشد الشعبي ؟؟!!

ألم تدعمه المرجعية الدينية في النجف الأشرف وتطالبه بالضرب بيد من حديد على الفساد والفاسدين ؟

ثم إن قادة الحشد الشعبي يعترفون بوجود بعض النقاط التي يعملون على مُعالجتها لأنها مرتبطة بالظرف السياسي والإداري العام في البلاد ولكن السؤال الذي يطرح بإلحاح لماذا يُركز العبادي على الحشد الشعبي دون غيره من المؤسسات ومفاصل الدولة الأخرى الأمنية وغير الأمنية ، خصوصاً وأنه إعترف في بداية تسلمه رئاسة الوزراء أن الجيش العراقي فيه 50 خمسون ألف فضائي فلماذا لم نسمع منه أي خطوات إصلاحية حقيقية في مؤسسات الدولة الأخرى ؟؟!

التعليقات مغلقة.