المرأة في فكر الشيخ الخزعلي

908

المرأة في فكر الشيخ الخزعلي

مُقتطفات من كلمات الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق سماحة الشيخ قيس الخزعلي “دام عزه” والتي أُلقيت في النجف الأشرف في (يوم المرأة العالمي) بذكرى ولادة الزهراء “ع” 20 جمادى الآخرة 1439 وبحضور مجموعة واسعة من الكوادر المُتقدّمَة من الحشد النسويّ في حَرَكَة عصائب أهل الحق .

إعــــداد / مكتب الشؤون الثقافية لحركة عصائب أهل الحق ـ قسم شؤون المرأة

في البداية نُبارك لكُن هذا اليوم العظيم ألا وهو ولادة الزهراء فاطمة “سلام الله عليها” قلب الرسول ، وروح الرسول ، وأم أبيها ، في هذا اليوم العظيم الذي بحق يستحق أن يكون (يوماً للمرأة في العالم) لأنهُ يوم ولادة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، إنه يوم المرأة المسلمة ، يوم المرأة المؤمنة ، بل هو (يوم المرأة العالمي) فهو الأولى أن نحتفل به يوماً لعيد المرأة في كُل العالم في ذكرى ولادتها العطرة .

المرأة من منظور قُرآني

كما تعلمون أن دور المرأة بشكل عام في المجتمع العراقي هو دور غائب أو مُغيّب ، مرّة غائب بسبب أن المرأة لا تقوم بتكليفها بالشكل المطلوب منها ومرة مُغيّب بسبب غلبة الدور الذكوري وسيطرته وهيمنته على المجتمع .

ويهمني أن أذكُر بعض النقاط التي أعتقدها مُهمّة من الناحية الإسلامية والشرعية كأساس حتى نُبيّن دور المرأة وواجب المرأة وتكليف المرأة وسننطلق من مُنطلقات القرآن والمُنطلقات النبوية ومُنطلقات أهل البيت “سلام الله عليهم” فيما نعتقده من دور للمرأة في هذا الوقت .

1 ـ إستقلالية التكليف الشرعي

النظرة المأخوذة إجمالاً عن الإسلام وهي نظرة خاطئة من أنهُ دين يُغيّب دور المرأة ويجعلها بالشكل الهامشي أو مُلحق وهذا أكيداً ليس صحيحاً وعلى العكس نجد أن القرآن الكريم أوضح وبيّن بشكل قاطع لا لبس فيه أن للمرأة دورها المستقل في أداء تكليفها وأنها في هذا المجال ليست تبعاً للرجل في تكليفه وواجبه ، ونستشهد بقوله تعالى (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)([1]) فالآية صريحة بأن المرأة في مقام أداء دورها أمام الله لا يُغني عنها الرجل وإنما هي مطالبة بكل هذه الواجبات العبادية بشكل مُستقل .

2 ـ إستقلالية الدور الرسالي

كذلك فإن الله تعالى بيّن في كتابه الكريم بأن المرأة ليست مُستقلة فقط في تكليفها الشرعي بل هي مُستقلة في واجباتها في الحياة وفي دورها الرسالي والدليل أيضاً في قوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)([2])والبيعة كما تعلمون هي تقديم العهد على الإمتثال لأداء الواجب الرسالي أمام النبي “ص” بإعتباره قائد الأمة في ذاك الوقت ، إذاً منذ بداية الرسالة الإسلامية لم يكُن يكفي للمرأة حتى تؤدي دورها أن يأتي زوجها أو أبوها نيابة عنها ويبايع نيابة عنها وإنما المطلوب أن تأتي هي بنفسها وتُعاهد على الإلتزام بأداء واجباتها المطلوبة منها ومن ثُم ليعتمد الرسول “ص” هذا التعهد في الدور الذي يُمكن أن تقوم به في المجتمع وإصلاحه .

3 ـ إستقلالية الحقوق والأحوال الشخصية

كذلك نجد في القرآن الكريم الإستشهادات العديدة في أن للمرأة إستقلاليتها في قضايا الإرث والحقوق والأحوال الشخصية فعلى الرغم من جاهلية ذلك الزمان الذي كانت فيه المرأة توأد نجد أن الله سبحانه وتعالى ذكر بأن للمرأة خصوصيتها وكيانها بحيث تستحق الإرث بعدالة حالها حال الرجل ، مع أننا نُفرّق بين المساواة والعدالة ، فالمساواة هو ظُلمٌ للمرأة بإعتبار الطبيعة الفسيولوجية ولكن العدالة هي الصحيح فبإعتبار طبيعة الرجل والأمور المتعلقة به صارت هُناك فوارق نسبيّة في بعض صور الإرث وليس كُلها ولكن الإستقلالية بقيت محفوظة كما في قوله تعالى (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ..)([3]) ثم عندما يأتي إلى المرأة يقول تعالى (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا)([4])إذاً كما أنت ترث من زوجتك كذلك الزوجة ترث من الزوج .

4 ـ إستقلالية الثواب الأخروي

كذلك المرأة مُستقلة في ثوابها عند الله تعالى بحيث هي تنال ثوابها بشكل مُستقل على عملها الذي هي قدمته في الحياة الدنيا وليس تنال ثوابها بسبب عمل زوجها أو والدها أو أخوها وإنما بشكل مُستقل بدليل قوله تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ([5]) أي أن الوعد في هذه المقامات هو للرجل والمرأة كُلاً على حدة .

المرأة والرجل .. تكافل وتكامل

آية أخرى نختم بها الإستشهادات القرآنية تذكر ليس ذلك فقط وإنما تقول بأن الوظيفة بين الرجل والمرأة تكافلية وتضامنية ومن ثُم تصل إلى مرحلة التكامل لتحقيق النتيجة المطلوبة ولا يستطيع الرجل أن يؤدي التكليف والنجاح إذا لم يُضاف معهُ دور المرأة ، (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)([6]) .

نماذج إسلامية نسويّة

في مجال التطبيق فقد شهد التأريخ الإسلامي دورٌ محوري أساسي ومحوري لبعض السيّدات كان ركيزة أساسية لنجاح الإسلام كمشروع وإنتشار ومن هذه الأدوار دور السيدة خديجة عليها السلام الواضح والمهم في تقديم الدعم المعنوي والإقتصادي مع رسول الله “ص” في نشر الرسالة الإسلامية ، ولولا مال خديجة لما توفرت الأسباب التي أدت إلى إنتشار الإسلام في مكة ومن ثم إلى المدينة والعالم كله .

وكذلك نجد أن فاطمة الزهراء عليها السلام هي التي أخذت دور والدتها في الدعم المعنوي للرسول “ص” حتى سماها بـ(أم أبيها) فكأنها رغم صغر عمرها آنذاك أخذت دور الأم في الحنان والعاطفة وكذلك أُعد للزهراء “ع” أن تأخذ دور الداعم الإقتصادي للإمام علي بن أبي طالب “ع” عندما أنحلها رسول الله “ص” (فدك) ، ففدك لم يُعطها رسول الله “ص” لأمير المؤمنين “ع” إنما أعطاها للزهراء “ع” بمعنى أن الزهراء “ع” هي التي ستقوم بوظيفة الدعم الإقتصادي للولاية كما كانت خديجة “ع” هي صاحبة الدعم الإقتصادي للرسالة ، وأيضاً كلنا نعلم بالدور الذي قامت به الزهراء “ع” لنصرة قضية علي بن أبي طالب “ع” حتى دفعت ضريبة من القصة المعروفة من التهديد بحرق منزلها إلى أن أدى بها الحال أن تستشهد وتنال سلام الله عليها الشهادة كما نالها أبوها قبلها وزوجها وبنيها من بعدها ، والزهراء “سلام الله عليها” هي صاحبة الصفات الوراثية العالية ، فليس من المعقول والمنطق أن تتوفى بغير عارض أو سَبب خارجي وهي في زمن الشباب في العشرينيات ، مُضافاً إلى قول المعصوم “ع” : (ما منا إلا مقتول أو مسموم) الذي يشمل المعصومين عليهم السلام فهو ينطبق عليها سلام الله عليها وعلى أبيها صلوات الله عليه كما يشمل أمير المؤمنين “عليه السلام” وأبناءه عليهم السلام بل هُما من باب أولى لأنهُما أصل العصمة .

ودور زينب “ع” في دعم الإمام الحسين “ع” وهذا أشهر من أن يوضح والتي أصبحت بحق وزارة الإعلام الصادق والتي حفظت الثورة الحسينية كما هي ناصعة البياض حتى وَصَلت إلى كُل الأحرار والشرفاء في العالم فكان الدور الأول والأكبر هو للمرأة ولزينب “سلام الله عليها” .

إذاً نَحنُ عندما نَتَكَلّم عن دور المرأة في يوم المرأة ، يوم الزهراء “ع” سَيّدَة النساء فنحنُ لا نُحاول أن نَختلق أسباب خاصّة بنا ، وإنما هذا هو الواقع بشهادة القرآن الكريم وهذا هو الواقع بدليل خديجة والزهراء وزينب “عليهن السلام” ، فإذا كان دور المرأة عظيماً بعظمة خديجة “عليها السلام” وكان الدور عظيماً بعظمة الزهراء “عليها السلام” وكان الدور عظيماً بعظمة زينب “عليها السلام” فنحن نتوقع من نساء الحَشد الشعبي ونساء المقاومة دوراً عظيماً كما كان لخديجة والزهراء وزينب “عليهن السلام” .

 (المرأة الأنثى) .. و(المرأة الرجل)

توجد نُقطة هامة يجب أن نُبيّنها من خلال طرح السؤال التالي ، هل يوجد فرق بين الرجل والذكر وبين المرأة والأنثى ؟ ونعتقد أن هذه المسألة مُهمة ومن شأنها أن تعطي لكُل ذي حق حقه .

فالذكر والأنثى هي إشارة إلى الطبيعة الفسيولوجية بالخلقة والتكوين فهذا المخلوق أعطي وصف الذكر وذاك المخلوق أعطى وصف الأنثى بالفروق الجسدية البايلوجية المعروفة ، أما الرجل والمرأة فلا يُشير للطبيعة الجسدية الفسيولوجية ، إنما الرجل والمرأة يُشير إلى القدرة والجانب المعنوي في تكفل المهام الصعبة والجليلة والواجبات الضرورية ، فمن لهُ القدرة على تحمل المسؤولية بنفسه بدون أن يعتمد على الآخرين في أداء وظيفة مهمة وواجب جليل فهو رجل وأما الذي لا يستطيع أن يتحمل بنفسه هذه المُهمة والواجب فهو إمرأة بغض النظر فيما إذا كان (ذكر) أو (أنثى) وهذه النتيجة خطيرة لأنها ستبين لنا أن قسم كبير من الذكور هم نساء ! وجزء كبير من الإناث هم رجال . والشاهد على ذلك قوله تعالى (مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ..)([7])إذاً مقياس الرجولة هو الصدق في الإلتزام في العهد والواجب في المواقف الصعبة مثل الحرب فالذي يستمر حتى يؤدي تكليفه هذا هو الرجل (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)([8]) .

آية أخرى أكثر صراحة فيما نُريد أن نصل إليه هي (عَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ..)([9]) حيث ذكرت الروايات الصريحة لأهل البيت “ع” أن الذين على الأعراف ويعرفون كل الخلق بسيماهُم من هو على خير ويذهب إلى الجنة ومن هو على شر ويذهب إلى النار ، فإن هذا مقام عالٍ جداً والذي يستطيع أن يقف هذا الموقف العالي على الأعراف ولديه المعرفة هُم مُحمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين كما ذكرت هذه الروايات ، والآية تقول على الأعراف رجالٌ إذاً الزهراء رجل وإن كانت أنثى ، إذاً الزهراء رجلٌ بالموقف وإن كانت أنثى من الناحية الجسدية بشهادة القرآن الكريم .

إذاً الذكر والأنثى يكون رجلاً بمواقفه ، لذلك في وقتنا الحاضر الكثير من الذكور يعيشون حالة اللاّمبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية والإتكالية وحالات الإنحلال والتميّع وهم أبعد ما يكون بأن يوصوفون بأنهم رجال وكما قال الشاعر (… ليس كل الرجال تدعى رجالاً) ، وفي الحقيقة أن الصحيح (ليس كُل الذكور تدعى رجالاً) بينما نجد في الجانب الآخر الكثير من النساء قد أدت تكليفها وتحملت المسؤولية ونجحت في أدائها وخصوصاً في وقتنا الحاضر ، مثلاً نجد الكثير من الأناث اللاتي إستطعن تحمل مسؤولية الأسرة وأن يُربين أولادهن التربية الصحيحة وأن تدعم زوجها وأن تدفع به إلى ساحات القتال دفاعاً عن الدين والوطن والمقدسات وتستطيع أن تربي أسرة بل هناك حالات كثيرة أن الأنثى ليس لها مُعيل فليس لديها أب ولا زوج ورغم ذلك إستطاعت أن تربي هذه الأسرة وترفعها إلى مقام وحال أفضل .

فرق كبير بين شخص ذكر لا يستطيع تحمل مسؤولية نفسه وبين أنثى تستطيع تحمل مسؤولية عائلة ، فذاك الذكر يستحق أن يوصف بأنه إمرأة وتلك الأنثى تستحق أن توصف بأنها رجل . وهذه مسألة جداً مُهمة بأن نُحدد الوصف الدقيق لأبناء مجتمعنا لذلك فإن أملنا بالله تعالى كبير بأن إناث الحشد الشعبي هُن رجالات الجنس الأنثوي في مجتمعنا إن شاء الله صاحبات الموقف في تحمل المسؤولية في هذا الوقت الحرج والمهم من وضع بلدنا . وكما أشرنا في الجانب الرجال الذكوري القدوة هم مُحمّد وعليّ والحسن والحسين وفي الجانب الرجالي الأنثوي القدوة هُن خديجة وفاطمة وزينب . إذاً هؤلاء هُم الرجال ومن يسير على دربهم هُم الرجال بغض النظر عن أن يكون جنسهم ذكر أو أنثى ، هذه مقدمة مهمة يجب أن نؤسس لها في مجال الدليل وإيصال الثقافة المطلوبة فالنقطة الأساس أن تكون هناك ثقة بالنفس تتولد منها إرادة حتى تقوم الأنثى العراقية بدورها المطلوب منها .

أهمية الدور المعنوي لبعض الأناث

يَنظر البعض إلى أن دور المرأة أقل من الرّجل بدليل عدم وجود نَبي من النساء يقوم بوظيفة النبوة ، والجواب على هذه المسألة أن هُناك وظائف مُعينة تحتاج إلى قدرات وصفات معنوية وجسدية تلائم طبيعة الذكر أكثر من الأنثى ، ولكن رغم ذلك فإن هذا لم يمنع أن تكون أنثى بمواصفات الزهراء “عليها السلام” أن تكون أفضل من تسعة من الأئمة المعصومين عليهم السلام هم ذرية الحسين “عليهم السلام” بل أن تكون أفضل حتى من الحسن والحسين عليهما السلام بشهادة رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” عندما قال : (.. وأبوهما وأمهما خير منهما) .

كذلك نستطيع أن نستشهد بالقرآن الكريم في قصة زكريا ومريم “عليهما السلام” وهذه الإلتفاتة ذكرها الشهيد السيد مُحمد الصدر “رض” وهي إلتفاتة لطيفة جداً في المقارنة العنوية والمقامية ما بين زكريا “عليه السلام” وهو نبي وما بين مريم “عليها السلام” التي هي ليست بنبي ، فالسيد الشهيد الصدر يقول بأن مريم عليها السلام مقامها أعلى من مقام زكريا “عليه السلام وهي أفضل منه ، وهنا قد يكون من المفاجيء والغريب للوهلة الأولى من أن تكون أنثى ليست بنبي هي أفضل من ذكر هو نبي ويستشهد الشهيد الصدر “رض” في هذا المقام بقوله تعالى (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا ؟!! قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب)([10]) فيذكر السيد الشهيد الصدر “رض” أن زكريا “ع” لم يستطع أن يفهم ويستوعب المقام الذي وَصَلَت إليه مريم بحيث هو يسأل (يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا ؟!!) فتجيبه بإجابة يدل على علو مقامها (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب) .

وهذا يعني أن مريم عليها السلام هي من القلائل الذين علاقتهم مع الله مُباشرة من دون أسباب مثل النبي إبراهيم “ع” ورسول الله “ص” ، وتكملة الآية (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)([11]) بمعنى أن زكريا “ع” عندما عرف وشاهد هذه المنزلة والمقام دعا الله تعالى ببركات مريم فإستجاب الله تعالى له ورزقه بيحيى “ع” كما نحن ندعو الله تعالى ببركة الزهراء “ع” وننال ما ننال من هذه البركات .

فإذا أدت الأنثى تكليفها وواجبها تصل إلى هذه المقامات الخاصة والعالية جداً مثل الزهراء “ع” التي يقول الرسول “ص” بحقها (لو لم يخلق الله علي لما كان لفاطمة كفؤ) بمعنى أن الأساس بالمقارنة هي فاطمة “ع” فيُقارن كل الرجال بقيمة فاطمة من خلال وجود علي “ع” ككفؤ لها .

هذه المقدمة ضرورية أن نؤسس لها وأن نقول بأننا نحن في المقاومة الإسلامية والحشد الشعبي عندما نطلب من الأنثى دوراً فهو ليس من أجل مصلحة خاصة لها علاقة بالحالة التنظيمية فقط وإنما هذا حقيقة الدور الذي ذكره القرآن الكريم .

أما الإشكال بأن موارد ذكر الأنثى في القرآن قليلة الذكر فهو لا يضر أبداً لأن القرآن مثلاً لم يتطرق إلى مسألة التوحيد إلا في آيات محدودة على الرغم من أنها مسألة عقائدية فلذلك وَرَدَ عن أحد الأئمة عليهم السلام أن رسول الله عز وجل علم أن يكون في آخر الزمان أقوامٌ مُتعمقون فأنزل الله قول هو الله أحد وأوائل سورة الحديد .

وكذلك يمكن الجواب بأن القرآن الكريم تكلم عن مسائل مُشتركة تخُص الذكر والأنثى ولكن بصيغة المذكّر وهذه قضية معروفة في اللغة أن الخطاب يكون بلحاظ الأغلب ، فيكون الخطاب شاملاً للأنثى كذلك .

المرأة ودورها في الحرب الناعمة

هنا أطرح التساؤل الآتي : ما هو المجال الذي يجب أن نُحقق فيه الإنتصار ؟

أخواتي العزيزات فكما يقولون الحرب حربان أو نوعان (خشنة) و(ناعمة) والحرب (الخشنة) هي الحرب العسكرية التي تُستخدم فيها الطائرات والدبابات والمدافع والمشاة والألغام والعبوات … إلخ والتي هدفها تحقيق السيطرة المادية على القرار والثروات لبلد ما ، والتي مجالها مجال الإنتصار العسكري . والحرب الأخرى هي الحرب الناعمة التي تستعمل الآن وسائل مُختلفة كُلياً مثل وسائل التواصل الإجتماعي وهدفها تحقيق السيطرة المعنوية على هوية وثقافة هذا البلد .

فمن الأكثر خطورة ؟ الجواب : الحرب الناعمة أكيداً ، فالإحتلال الأمريكي مثلاً لم يستطع أن يفعل شيئاً لثقافة العراقيين وهويتهم وعقيدتهم بل زادهم تمسكاً ، كذلك “داعش” عندما إحتل عسكرياً جزءً كبيراً من العراق لم يستطع أن يعمل شيئاً لثقافة وعادات وهوية العراقيين بل زادهم تمسكاً وإصراراً .. ولكن الحرب الناعمة تستهدف الهوية والعادات والتقاليد والثقافة والعقيدة والمباديء ووسائلها غير تقليدية وغير محسوسة ، ومن وسائلها الموبايل والستلايت والإنترنت وهي سلاحٌ ذو حدين ، فهذه الوسائل ندفع من أجلها الأموال للحصول عليها والعدو يربح منها مادياً ويُحقق بواسطتها أهدافه المعنوية حينما نأتي بها إلى منازلنا ونعطيها هدايا لأطفالنا في وضع يكون الجو فيه كله مفتوح كما في العراق الذي ليس فيه نظام تصفية ورقابة بل كله مفتوح مثله مثل بيت في منتصف الطريق بلا سياج ولا أبواب فيدخل ويخرج منه كل شيء . فالعدو من خلال هذه الأدوات غزانا في عُقر دارنا بوسائل لطيفة وغير محسوسة وبلا مُراقبة من الأم والأب ، والأطفال الذين يستخدمون هذه الوسائل يطلعون على أمور عجيبة وغريبة فنلاحظ بأن الجيل الحالي قد تغيّر تغيراً كبيراً والآن شبابنا في الجامعات جزء ليس قليل منهم يتكلمون عن الإلحاد ، فبالوقت الذي نتكلم فيه عن الدفاع عن الوطن والمقدسات نجد أن طلبتنا وأبناءنا هؤلاء يُشككون في الله تعالى نفسه فنحن لا نقبل مثلاً أن يُشكك أحد بالإمام الحسين “ع” بينما هؤلاء يُشككون برب الإمام الحسين “ع” والبعض الآخر يُريد الوصول إلى نتيجة بأن النبي محمد “ص” مشتبه أو كاذب حاشاه وهكذا الإمام علي “ع” والزهراء “ع” وبالتالي يُريدون بذلك مسخ ثقافتنا وعقائدنا تمهيداً لجعلنا مجتمع آخر وهذا أخطر ما يكون .

وإذا كان الذكور هُم رجالات الحرب الخشنة ، مع وجود دور للمرأة فيها من ناحية الدعم اللوجستي والتمريض والطبابة ، فإن الحرب الناعمة رجالاتها وقادتها هو الأناث . ولا يوجد للذكر سواء كان الأب أو الزوج دور يُساوي دور الزوجة أو الأم أبداً لا توجد مُقارنة ، لأنها هي الشخص المؤثر التي تستطيع أن تلاحظ وتراقب وتنصح وتوجه وتمنع وبالتالي تربي ، ودور الأب أو الزوج في هذه المسألة دور ثانوي لأن تواجدهُ ضعيف أو ثانوي في هذه الساحة هو متواجد بشكل رئيسي في الخارج والمتواجد في ساحة المنزل هي الزوجة أو الأم . وهذه المسألة هي في صميم وضعنا فنحن الآن نلاحظ إنتشار ظواهر عقائدية غريبة عن مُجتمعنا كالإلحاد والعلمانية ونلاحظ كذلك مشاكل مُجتمعية مثل إزدياد حالات الطلاق وتغيرت العادات هذا كله ويعتبر البعض بأن الهم الأكبر هو الحرب مع داعش .. لا والله وحق أمير المؤمنين “ع” .. ليست الحرب مع داعش هي الحرب الأهم إنما الحرب داخل المنزل من خلال الستلايت والموبايل ووسائل التواصل الإجتماعي هي الحرب الأخطر لأن داعش لا يستطيع تغيير العقيدة والثقافة ولكن الموبايل وشاشة التلفزيون تستطيع ذلك ، فالطفل أصبح يقضي وقتاً طويلاً أمام قنوات تلفزيونية التي يدس بعضها السم في العسل فأصبح يأخذ ويستلم معلوماته من التلفزيون ومن المؤسسات وأجهزة المخابرات التي تقف خلفه وليس من والديه وثقافتهما الدينية وعاداتهما الإجتماعية وهذا خطر ثم خطر ثم خطر .

والإعتماد على الله تعالى والثقة بكن إن شاء الله أن تؤدين هذا الدور ، أولاً في مُساندة أخوانكُن في الحشد الشعبي في دعمهُم ورفع حالتهم المعنوية ، في التبرّع ، في الدعاء ، في المُساندة ، في الدعم اللوجستي ، في التمريض ، في الطبابة …

وثانياً دورَكُن أن توصلن رسالة للعالم بأن الحشد موجود في كُل مكان وكُل نساءنا هُن حشد ويعملن في ساحات المنزل والدائرة والوظيفة والمعمل ويعكسن بأخلاقهن وتصرفهن وإلتزامهن الأخلاق الفاضلة التي تناسب المرأة المقاومة .

والدور الثالث والأهم هو الدور في تحصين الأسرة وتحصين الإبن والبنت بل حتى حصانة الزوج .

الأنثى العراقية والهوية الثقافية

الحرب الآن كما ذكرنا هي حرب ثقافية فكرية عقائدية ناعمة يُراد بها مَسخ الهوية العراقية وَكُل مُجتَمَع كما هو معلوم لَهُ هويّته الخاصة بهِ من زي وثقافة وتقاليد وأعراف ودين ولُغة وغيرها , ونُلاحظ إلى الآن أن أوربا لم توافق على ضم تركيا إلى الإتحاد الأوربي لأنهم يَعتبرون أن تركيا بلد مُسلم وَيَتخوفون من ضَمّها إلى مُجتمعاتهم المسيحية , إذاً مَهما تكلّموا بالمصطلحات الديموقراطية لم يستطيعوا أن يلغوا مسيحيتهم ونرى إلى الآن مثلاً أن الأحزاب السياسية في ألمانيا مثلاً هي أحزاب “مسيحية” يعني ذات دلالات “دينية” ولم يُبعدوا مَسيحيّتهم عن السياسة . وإذا ذكرنا مثالاً آخر هو “الكيان الإسرائيلي” الذي يدعي الغرب أنها دولة الديموقراطية في الشرق الأوسط ، تطالب هذه “الدولة” بالإعتراف بيهوديتها بينما نجد أن (أنصاف المثقفين) الذين يتكلمون ضد الدين ويُطالبون بعزل الدين عن الدولة وفصل الإسلام عن السياسة ويستشهدون بالغرب ، والحال أن الغرب لم يعزل الدين عن السياسة , وبالنتيجة نَحنُ كمُجتمع عراقي مُسلِم لدينا ديننا الذي نَفتَخِر بِهِ وَهو دين مُحمّد وَآله “ع” وَهو أفضل الأديان وَلَدينا لُغتنا وَهي اللغة العربية الأصيلة وَلَدينا تأريخنا وَثقافتنا وعاداتنا وهي من أفضل العادات والتقاليد والثقافات وَالدين الإسلامي أفضل وأكمل مِن كُل دين وأهل البيت “ع” أفضل ما خلق الله وَلَم يَخلُق الله أفضل منهُم . فالخطر الحقيقي الذي يحدث الآن ليس عَسكرياً وَإنما هو خَطَر تغيير وَمُحاوَلَة مسخ للهوية وَالعادات وَالتقاليد والدين فبات الغزو الثقافي يَغزو المجتمع وهذا واضح لكُل الذي يحدث بالجامعات وغيرها , وينبغي التصدي لهذا الخطر وَلا يُمكن للذكر أن يَتَصَدّى بمُفرده لهذا الأمر إلا بمُساعدة (الأنثى) بل أن قدرة الأنثى على التغيير والتأثير بالمُجتمع أكثر وأكبر من الذكر .

المرأة المقاومة والحريات الشخصية

من المسائل المهمة التي أحببت أن أتعرض لها في هذا المؤتمر هي مسألة الحريات الشخصية ، فنحن بلد كما تعلمون مفتوح على كل الثقافات والأفكار فلا يوجد أي مانع أو حاجز يمنع أي فكرة أو ثقافة أن تصل إلى كل فرد من أفراد المجتمع العراقي ، وهذا المجال صحيح أنه سيؤدي إلى أن الإنسان سيرى ويطلع ويجرب ويُنضّج وضعه ولكنه خطير في نفس الوقت من ناحية أن الكثير من أبناء مُجتمعنا ليسوا على مُستوى الحصانة والوعي الكافي حتى يقفوا أمام بعض هذه الأفكار والثقافات الخطيرة ، على كل حال فإنه في هذا الواقع نجد أن هناك جزء كبير من الأفكار الهدامة الغريبة عن طبيعة مجتمعنا العراقي بأصوله الإسلامية العربية وعاداته العراقية المعروفة قد بدأت تغزو أبناء مجتمعنا وأخذت تصل إلى الأسرة . السؤال نحن ما هو تكليفنا ؟؟ تكليفنا تجاه المجتمع هو أن نؤكد على إحترام الحريات الشخصية فلا نستعمل وسيلة الإكراه والإجبار على الآخرين في مجال ما يُسمى بالحريات الشخصية ، إنما نستعمل النصيحة والدعوة الحسنة (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)([12]) وهذه النقطة ستكون فائدتها أكبر فيما لو إستعملنا الأساليب القاسية التي ستؤدي إلى النفور ، وأعتقد بأن التجربة الموجودة في لبنان تجربة جداً لطيفة للإستشهاد بها ففي لبنان المجتمع منفتح جداً أكثر بكثير من الإنفتاح الموجود في العراق لكن رغم ذلك الأخوان في المقاومة الإسلامية حزب الله يستعملون وسائل التثقيف الهادئة في الخطاب والتعامل مع أفراد مجتمعهم فنجد أن المجتمع اللبناني جزء كبير منه داعم للمقاومة بغض النظر عن إلتزامه الديني وإنضباطه وإحترامه للحريات وفق المعايير الإسلامية ، فإذا حدثت تظاهرة لدعم حزب الله تجد فيها المُحَجّبَة والسافرة بَل تَجِد المُسلم وَالمَسيحي . إذاً في المجال العقائدي والثقافي هذه هي الوسيلة الصحيحة والأكثر تأثيراً من الوسائل الأخرى .

دور المرأة أمام المؤامرات التي تستهدف الحشد الشعبي

بشكل واضح ومُنذ عام 2014م وإلى الآن بصدق وحقيقة بلا مُبالغة فإن بلدنا هو يَمُر في أخطر المراحل التي مَرّت عليه من إحتلال أمريكي وإحتلال بريطاني والإحتلال العثماني وإحتلال مغولي والخلفاء العباسيين .. إلخ كُل هذه التهديدات كانت تستهدف المصالح والثروات مع بقاء العراقيين كشعب وبقاء الإنسان العراقي كإنسان والحياة في العراق كحياة ، أما الآن بعدما حَدَث في عام 2014 فإن العدو لم يَكُن يريد الثروة ولا النفط ولا المصالح فقط وإنما كان يُريد أن ينهي الوجود أصلاً ويريد رؤوس الرجال وأن يسبي النساء بشكل واضح ، وهو ما حَصَل مع شُهداء “سبايكر” وأيضاً ما حَصَل مَعَ النساء الأيزيديات بشكل واضح فكان هذا هو المراد بأن يكون في كل محافظات العراق بأن يكون الشباب قتلى مثل سبايكر وأن تكون النساء سبايا مثل الأيزيديات ، ولكن التهديد الآخر الذي يجري الآن والمؤامرة التي تجري الآن هي هذه المؤتمرات التي تجري الآن في جنيف وإسطنبول ، هذا فريق العمل الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية يمثلهم فيها شخص أساسي وهو باتريوس كان هو القائد الأعلى للقوات الأمريكية في العراق وكان أيضاً رئيس جهاز المخابرات الأمريكية أي أنه شخص من المستوى الأول يأتي ليجمع (المعارضين العراقيين !!) والدول العربية التي لم تجتمع في يوم من الأيام على خير ولم تجتمع إلا في زمن الرسول “ص” في مكة في دار الندوة من أجل إغتيال الرسالة المحمدية في زمن أبو سفيان وأبو لهب وأمثالهم ، وهم نفس الدول التي جلبت الشر إلى العراق وجائت بداعش ودعمته وسهلت وهي نفسها التي رفضت العملية السياسية في العراق ، هؤلاء إجتمعوا لأن تكليفهم الأساسي وواجبهم هو إنهاء الحشد الشعبي لأنه يشكل تهديد حقيقي على مشاريعهم ولا يُمكن تحقيقها بوجود الحشد الشعبي . وهذه الإجتماعات ، بل هذه المؤامرات لن تتوقف ما دام الحشد الشعبي يقف حاجزاً دون تحقيق مشاريعهم الخبيثة في العراق والمنطقة .

وأنا أرسل رسالة إلى كل الأخوات وإلى كل الأمهات بأنه الآن من واجبنا أن نقف موقفاً أقوى وأن نُبيّن لكُل العالم بأن الحشد الشعبي ليس هو فقط الذي يحمل السلاح ويُقاتل في جبهات العراق إنما الحشد هو الموجود في كل ساحة وميدان ومجال وجامعة ودائرة ومؤسسة ومنزل .. وإن شاء الله إنطلاقة الحشد النسوي هذه ستُحقق الإنتصار تلو الإنتصار في المجال الذي هي فيه كما يُحقق أخواننا الإنتصار تلو الإنتصار في المجال العسكري .

المرأة المقاوِمَة هي القدوة

يتصف غالبية أفراد أي مجتمع بالمستويات الفهم العادية ، ودائماً ما تستهدف هذه المجتمعات في ثقافتها وأخلاقها ومن هُنا يكون وجود القدوة أمراً ضرورياً والشريحة النسوية تحتاج إلى وجود القدوة كذلك الأفضل أن تكون متعددة وعلى أكثر من مستوى ومجال ، على مستوى المؤسسة أو المدينة أو البلد ووجود القدوة أو القدوات النسوية من عالم النساء أمر ضروري جداً .

ففي الوقت الذي كانت خديجة “ع” قدوة نسائية مع محمد “ص” وكانت الزهراء “ع” مع علي “ع” وكانت زينب “ع” مع الحسين “ع” وإلى زماننا القريب كانت بنت الهدى مع السيد محمد باقر الصدر “رض” ، نلاحظ في وقتنا الحالي غياب أو تغييب دور الأنثى كقدوة مُتصدية تقوم بدورها التوعوي والإصلاحي .

وهُنا نوجّه الدعوة إلى المرأة المقاوِمة وإلى نساء الحشد الشعبي وخصوصاً النخب الواعية منهن إلى القيام بدورهن في هذا المجال ونحن حاضرون من قبلنا للتعاون وتقديم الدعم لتحقيق هذه النتيجة وبشكل عام نقول أنه لكي نكوّن قدوة فإنه ستُفرَض عَلَينا إلتزامات خاصّة غير موجودة في الشخص غير المتصدي لهذا العنوان ، فكما توجد إلتزامات عليّ شخصياً وعلى كُل قيادات المقاومة كذلك توجد إلتزامات على قيادات الحشد النسوي ونساء المقاومة ومن هذه الإلتزامات المستوى الخاص المتميز في الخلق والتعامل مع الآخرين والمحافظة على المظهر بالشكل الذي يتناسب مع هذا العنوان ، فمثلاً في لبنان يُلاحظ أن أزياء المجتمع اللبناني مُتعددة وكثيرة على قدر كُل ثقافات العالم الموجودة في لبنان ولكن هُناك زيّ خاص للمرأة المقاومة من العباءة والمظهر والتصرف والثقافة بحيث يتضح أن هذه المرأة رسالية ومن هذا الخط وبالتالي فهي قدوة في تصرفها وحركاتها وتعاملها وكلامها ، وهذه مسألة مُهمة على طول التأريخ لذلك فإن القرآن الكريم عندما يتكلم مع الرسول “ص” في مجال النساء ويُخاطب نساء النبي “ص” يقول (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً)([13]) ، فالنساء المُتعلقات بالنبي “ص” عليهن وظيفة وإلتزامات أكثر خصوصية من النساء الأخريات لأنهن يعكسن رسالة النبي “ص” وأخلاقه ، ونفس الكلام الذي قلته في مُناسبة سابقة أكرّره وأقول : يا نساء المقاومة لَستُنّ كأحدٍ من النساء ، إن إتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مَرَض ، فأنتُن قدوة وعليكُن إلتزامات وتصرّفات خاصة فلا بُد أن يكون هُناك مُستوى خاص من الثقافة والوعي ومُستوى من الظاهر والملبس يختلف عن الأخريات فمن تختار هذا الطريق عليها أن تؤدي إلتزاماته ومن لا تستطيع عليها أن تكون صادقة وواضحة مع نفسها فهي غير مجبورة على السير فيه ، هذا الطريق سار فيه الشهداء وكُل عباد الله الصالحين ويسير في مُقدمته الإمام المهدي “عليه السلام” وهو الطريق الذي يَهدف لتأسيس دولة العدل الإلهي فهو طريق خاص جداً .

ومن باب الإستشهاد بنساء زَمَن النبي “ص” فإن بعض النساء وَصَلن إلى مَنزِلَة مثل مَنزِلَة السيّدة خديجة وماريا وأم سلمة ، وقسم آخر نزلن إلى مُستوى فُلانة وفُلانة ، فنتمنى من نساءنا أن تكون مثل خديجة مثل وماريا وفاطمة وزينب وليس مُستوى فلانة وفلانة التي يُخاطبها الله تعالى ويقول (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)([14])ويقول تعالى (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)([15]) فهُناك من نساء النبي “ص” من لم تكن على قدر المسؤولية وخططت لمؤامرة داخلية لإرباك الوضع الداخلي للرسول “ص” ومن ثم للإسلام .

ولذا فإننا مُطالبون اليوم وأكثر من أي وقت مضى بأن نُساعد على خلق ظروف من شأنها أن تُوجد لنا في العراق “نساء قدوة” مؤمنات واعيات شُجاعات تستطيع بقية النساء أن يَقتَدين بهن في أكثر من وَجه وجانب مثل جانب ثقافة المقاومة وجانب التربية وجانب العبادة وجانب الثقافة والأدب والفن وجانب السياسة وجانب العلوم والدراسات العُليا .. إلخ .

نحن بحاجة إلى النساء القدوة اللاتي يُمكن أن يَخلقن حافزاً فِعليّاً أكبر من خلال قدرتهن على التأثير في المحيط النسوي وتكون عنصر جذب وتأثير وتنمية وتطوير ونواة ينطلق منه المشروع الإسلامي الناجح الذي يُمهد لمجتمع دولة العدل الإلهي .

نساء الحشد شريكات الإنتصار

نسأل الله تعالى في هذا اليوم ونحن بجوار أمير المؤمنين “سلام الله عليه” أن يزيد توفيقكُن أكثر فأكثر وأن يحشركُن مع خديجة سلام الله عليها وفاطمة الزهراء سلام الله عليها وزينب سلام الله عليها وأن يرزقكُن ثواب الأمهات والزوجات والأخوات المجاهدات ، وأسأل الله تعالى أن يحتسب كُل ثواب لكُن يحصل الآن لشهيد أو مُجاهد أو إنتصار ، كُلّي قناعة بأنكُن شريكات في كُل هذا الثواب لأنهُ لولاكُن لما يَحصَل الآن ما يَحصَل من إنتصارات ، نسأل الله تعالى حُسن العاقبة لنا جميعاً وأن يوفّقنا سُبحانهُ لأداء تكليفنا أمامه وأمام رسوله وأمام أمير المؤمنين وأمام الزهراء سلام الله عليها وأمام صاحب الزمان وأن يَجعَل هذه الإنتصارات مُستمِرّة ومُتّصلَة بظهور صاحب العصر والزمان صلوات الله وسلامه عليه ، والسلام عليكُم ورحمة الله وبركاته .


[1]  سورة الأحزاب / 35

[2]  سورة الممتحنة / 12

[3]  سورة النساء / 12

[4]  سورة النساء / 12

[5]  سورة التوبة / 72

[6]  سورة التوبة / 71

[7]  سورة الأحزاب / 23

[8]  سورة الأحزاب / 23

[9]  سورة الأعراف / 46

[10]  سورة آل عمران / 37

[11]  سورة آل عمران / 38

[12] سورة النحل / 125

[13]  سورة الأحزاب / 32

[14]  سورة التحريم / 3

[15]  سورة التحريم / 4

التعليقات مغلقة.