بين إبادة الأرمن .. وإبادة الشيعة

578

بين إبــادة الأرمن .. وإبادة الشيعة

بقلم / أحمد عبد السادة

اليوم (24 نيسان 2019) مرت الذكرى الـ(104) لإبادة الأرمن على يد (العثمانيين – الأتراك) .

في كل ذكرى سنوية لتلك الإبادة تنطلق مطالبات (أرمنية) لدول العالم للإعتراف بتلك الإبادة ، وقد نجحت تلك المطالبات – حتى الآن – بإنتزاع إعتراف 29 دولة و44 ولاية أميركية فضلاً عن الأمم المتحدة ، بحصول تلك الإبادة.

هناك إجماع أرمني قاطع على ضرورة تدويل إبادة الأرمن ، والدليل أننا لم نسمع أن هُناك أرمنياً واحداً يُشكّك بتلك الإبادة ، أو يدعو مواطنيه إلى الكف عن المُطالبة بتدويل تلك الإبادة حرصاً على العلاقات مع الأتراك .

لم نسمع أي أرمني (ليبرالي) أو (مُثقف) أو (مُلحد) أو (مدني !!) يقول لأرمني (مُتدين) أو (قومي مُتعصب) بأن مُطالبته بتدويل تلك الإبادة هي تحريض ضد الأتراك ، أو أنها تمثل نزعة (طائفية وقومية) معيبة ، أو أنها ستؤثر على التعايش مع الأتراك ، لسبب بسيط جداً وعميق جداً أيضاً هو : أن جميع الأرمن – بإختلاف توجهاتهم – يحترمون دماء أسلافهم ويحترمون آلامهُم ، ويشعرون بأن للضحايا حقوقاً تأريخية وأخلاقية ليس من حق أي أحد أن يسلبها أو يُنكرها أو يُضحّي بها .

ما يبدو بديهياً ومفروغاً منه في أرمينيا لا يبدو كذلك في العراق ، فأنت (هنا) ما أن تعلن بأن هنالك حملة إبادة ضد (الشيعة) وبأن من حق الشيعة الدفاع عن وجودهم ، حتى تفترسـك الألسن وتنهشك الشتائم والإتهامات المجانية فيتم نعتك بـ(الطائفي) و(المحرض على العنـف) وتوصف بأنك (خائن الثقافة والمدنية والموزائيك العراقي واللُحمة الوطنية) ! ، رغم أن تلك الإبادة واضحة وصريحة كشمس في شهر تموز العراقي !.

لماذا إذن لم نَتّهم الأرمن بالتحريض على العُنف ضد الأتراك حين طالبوا بتدويل إبادتهم ؟ ، ولماذا لم نتهم اليهود بالتحريض ضد الألمان حين طالبوا العالم بالإعتراف بالهولوكوست ؟.
إن الاعتراف بإبادة الشيعة لا علاقة لهُ بالتحريض ضد (السنة) كمكون إجتماعي ، وإنما هو أولاً وفاء وإنصاف لدماء الضحايا ، وثانياً هو إدانة للتنظيمات التكفيـرية الإرهابية ومرجعياتها الفقهية (الوهابيّة) وحواضنها الاجتماعية وأجنحتها السياسية والإعلامية والدول الداعمة لها ،

وثالثاً هو إعلان يُحتّمهُ الضمير الحي ، ورابعاً هو إلتزام أخلاقي قد يسحب خلفه – في حال تدويله – العديد من الإلتزامات القانونية الدولية تجاه شيعة العراق والعالم ، أي بمعنى أن مسألة مُعاداة الشيعة والتحريض على قتلهم هي مسألة ستكون مدانة ومرفوضة دولياً كما هو الحال بالضبط مع (مُعاداة السامية) ، وهذا الأمر يعني بأن هناك مُحاسبة ومُطاردة ومُحاكمة دولية ستتم ضد كل دولة أو جهة أو تنظيم أو شخص يُكفّر الشيعة ويدعو إلى سفــك دمهُـم كما فعل إمام وخطيب الحرم المكي “عبد الرحمن السديس” الذي دعا إلى حرب (سنية) شاملة ضد الشيعة .!!.

التعليقات مغلقة.