صياد المروحيات .. الشهيد فائق هادي الخزعلي

1٬933

صياد مروحيات الإحتلال .. الشهيد القائد فائق هادي الخزعلي

بقلم / أحمد رضا المؤمن

ولادته ونشأته :

وُلد الشهيد فائق بن هادي بن سَيّد بن حَسَن بن غدير آل عَبد العال الحريشاوي الخزعلي في 11/كانون الأول/1978م بمدينة الصدر ببغداد . ونشأ وتربى في أسرة تكافح في العيش على ما تكسبه من حلال الرزق رغم صعوبات الحياة في العراق بفعل الحروب والمشاكل التي تسببت بها سياسات الطاغية المقبور صدام الهدام .

إنتماءه للمقاومة :

عُرفت عائلة الشهيد فائق الخزعلي بأنها عائلة جهادية بالمعنى العسكري والفكري على السواء خصوصاً بعد أن إلتزمت خط مرجعية شهيد الجمعة آية الله العظمى السيد مُحمّد الصدر “رض” وتكليف أخيه الشيخ قيس الخزعلي من قبل المرجع الشهيد الصدر بالمهام الحوزوية والميدانية والثقافية الصعبة فأصبحت مُفردات المقاومة والجهاد ثقافة يومية تتفاعل معها الأسرة يومياً وتربي عليها أبناءها وجيلها الصاعد . وكان لشدة تعلقه بالشهيد الصدر ونهجه فإنهُ شارك في إنتفاضة جامع المُحسن “ع” بمدينة الصدر ببغداد في صبيحة يوم السبت 20/شباط/1999م عقب إستشهاد المرجع الصدر فتَصادم مع أزلام البعث وأصيب بإطلاقة في رأسه فأخرجهُ رفاقه على إثرها من مدينة الصدر لإبعاده عن أنظار السُلطات الصدامية آنذاك .

وبعد الإحتلال الأمريكي للعراق في نيسان 2003م كان الشهيد فائق الخزعلي من أوائل المنخرطين في صفوف (المجاميع الخاصة) التي تحوّل إسمها فيما بعد إلى (المقاومة الإسلامية عصائب أهل الحق) فكانت لهُ صولات وجولات فيها مع أخوانه المجاهدين من مُقلدي الشهيد الصدر “رض” ضد قوات الإحتلال الأمريكي خلال إنتفاضة النجف الأشرف الأولى والثانية عام 2004م حيث كان المتصدي لنقل وإدخال السلاح والعتاد للثوار المقاومين في النجف من خلال سيارات مُمَوهَة ، وبعد أن إمتاز العمل المقاوم للمجاميع الخاصة عن جيش المهدي “عج” وإتخذ أسلوب حرب العصابات وإستتراتيجية إستنزاف العدو بالضربات غير المباشرة حينها كان الشهيد فائق الخزعلي من أوائل أفراد المقاومة الإسلامية الذين تدربوا على صنف الدفاع الجوي ومُقاومة الطائرات ومنهم الشهيد القائد أبو كوثر صفاء الشاوي والشهيد القائد أبو ياسين المالكي وآخرين وتولى مسؤولية إختصاص الدفاع الجوّي في العصائب وتدرب على أهم أسلحة الدفاع الجوي ومنها (SAM 7) و(1 GRAD) وغيرها .

عملية إسقاط مروحية “لينكس” البريطانية :

تعتبر عملية إسقاط المروحية البريطانية من طراز “لينكس” من أهم وأبرز العمليات النوعية التي نفذتها المقاومة الإسلامية عصائب أهل الحق في البصرة في آذار 2006م ضد الإحتلال حيث تمكن الشهيد فائق الخزعلي من إسقاط الطائرة بنفسه بصاروخ محمول ضد الجو (ستريلاّ) أطلقهُ على الطائرة الهدف بعد رصد وتخطيط إستمر لعدة أيام مما أدى إلى مقتل خمسة من كبار ضُباط الإحتلال البريطاني ومن بينهم قائد الأسطول الجوّي البريطاني .

وكانت هذه العملية بحق كارثة كُبرى نَزلَت على رأس جيش الإحتلال البريطاني ، حيث أن رُكاب الطائرة كانوا جميعهُم قد وصلوا للعراق مُنذ مُدة قليلة وهُم من كبار القادة العسكريين . وقد كانت هذه العملية من أكثر العمليات إيلاماً لجيش الإحتلال البريطاني وللأسباب التالية :

1/ كان على متنها أول إمرأة في القوة الجوية تقتل منذ الحرب العالمية الثانية ، وهي لفتنانت القوة الجوية (سارة جين ملفيهيل ـ 32 عاماً) وتُعتبر من نُخبَة ضُباطهم .

2/ كما قُتِل في العملية أكبر ضابط بريطاني يُقتَل مُنذُ ثلاث سنوات وهو (جون كوكسن ـ 46 عاماً ) الذي كان وَصَل العراق مُنذُ بِضعَة أيام من مَقتَلِهِ ليَتَسَلّم قيادة أسطول المروحيات في جنوب العراق . ومن مُفارَقات أقداره أن الجولة التي قُتِل فيها كان يقوم بها للتعرّف على الأخطار التي يُمكِن أن تواجه سِلاح المروحيات البريطاني !

3/ ضابط آخر هو (دارين تشابمان) 40 سنة وهو قائد طيار ومُساعده الكابتن (ديفيد دوبسون) 27 سنة والمدفعي (مارين بول كولنز) 21 سنة .

4/ إصابة المروحية لم تكُن “ضربة حظ” أو عشوائية .. وإنّما تَبين من خلال التحقيقات التي أجراها الإحتلال البريطاني أنهُ كانت هُناك نشاطات واسعة في المبنى الذي ضُربت منه الطائرة قبل يومين ، مما يُشير إلى تخطيط الفخ مُنذ وقت .

5/ الصاروخ الذي أصاب المروحية كان صاروخاً روسيّ الصُنع يُمكن إخفاؤه وتجميعه بسهولة وسرعة ويُمكن أن يُصوبه شَخص واحد يمتلك أقل تدريب مُمكن .

أخلاقه وصفاته :

كان الشهيد فائق الخزعلي دقيق في عمله ، طيبته ومحبته ومُساعدته للناس مشهودة لدى كُل من عرفه ، شديد الحب والبر لوالدته ، وكان مثلهُ الأعلى الذي يحبه هو أخوه الكبير (الشيخ قيس الخزعلي) بشكل خاص فكان يقتدي به وسُرعان ما تولى مسؤولية كادر حمايته الشخصية مُنذ فترة الإنتفاضة والمقاومة ضد الإحتلال الأمريكي .

عرفه أصدقاءه بشدة الإيمان والتفقه في دينه والإهتمام بالإلتزام الشرعي وأحكام الدين الشريف مُهتماً بكل الواجبات والعبادات المستحبة .

كان عفيفاً زاهداً في سلوكه فتزوج باكراً في سن 2005م وحين شهادته كانت زوجته حاملاً بولده الوحيد (يحيى) الذي لم يُرزق رؤيته . وكان كثير الإهتمام بخدمة والديه وبالأخص والدته الكريمة لأن أخويه الأكبر منه كانا منشغلان بالدراسة الحوزوية والعمل الجهادي .

إهتم بتعليم كُل من حوله بكُل ما أجاد من مواهب وإمكانات وعلوم ومعارف وما تدرب عليه من علوم عسكرية في مقاومة المحتل وخصوصاً في مجال إختصاصه في الدفاع الجوي لأنه كان يؤمن بأن زكاة العلم نشره وبذلك تنمو بذرة المقاومة والجهاد وتنتشر وتنتقل في قلوب أكبر عدد من المؤمنين .

شهادته :

كان قد وَعَد صديق عزيز لهُ بأن يتولى زفافه عريساً بنفسه بسيارته الشخصية رداً لجميل صديقه عندما قام بتولي زفاف الشهيد فائق قبل عام ولكن تم تأجيل زفاف صديقه يومين بعد الإتفاق بينهُما لغرض زيارة والده الحاج هادي الخزعلي والذي كان مُعتقلاً آنذاك لدى الإحتلال الأمريكي حيث كان الشهيد فائق الخزعلي بصُحبة صديقه المنشد عامر الدلفي حين قام بزيارة والده في مُعتقل أبو غريب فأطمئن عليه وتفقد أحواله ، ويبدو أن أعوان الإحتلال الأمريكي من التكفيريين من تنظيمات (التوحيد والجهاد) كانوا قد تابعوه ورصدوا تحركاته وتنقلاته فنصبوا لهُ كميناً بتأريخ 6/حزيران/2006 مع صاحبه الشهيد عامر الدلفي في منطقة قريبة من سوق (خان ضاري) بعد خروجه من زيارة والده فوقفت سيارتان قرب مَطَب ترابي تضطر فيه السيارات إلى تخفيف سُرعتها عنده ، وما أن وَصَلت سيارة الشهيد فائق وصاحبه حتى هَجَم عليهم التكفيريين هُناك بأسلحتهم لإختطافهم ولكن الشهيد فائق الخزعلي إشتبك مَعَهُم بالأيدي وإستطاع أثناء ذلك سَحب مُسَدّس أحدهم وقام بقتله فوراً فما كان من الآخرين في هذه المجموعة إلا أن يرشقوه بوابل من الرصاص هو وصاحبه ليرتقي شهيداً مع صاحبه ولا زال جُثمانهما الطاهر إلى اليوم لم يُعثر عليه لأن الخاطفين القتلة قاموا بدفنهم في أحد مزارع مناطق خان ضاري بأبو غريب .

فالسلام على الشهيد الخزعلي يوم وُلد ويوم تصدّى للنظام البعثي المُباد ويوم قاوم الإحتلال والزُمر التكفيرية ويوم أسّس لمقاومين صقور حطموا هيبة سلاح الجو عند الإحتلال وأعادوا للسماء كرامتها ويوم إستشهد غيلة وغدراً ويوم يبعث حياً مع الشهداء والصديقين وَحَسُن أولئك رفيقاً .

التعليقات مغلقة.