“مارك زوكربيرغ” وأوهام الإعلام الحر

625

“مارك زوكربيرغ” وأوهام الإعلام الحر

أيمن كريم الكاسر

كغيرها من الأكاذيب التي غرسوها في أذهاننا خلال حربهم الناعمة ضدنا من خلال تطبيق نظرية (غوبلز) وزير الدعاية في حكومة “أدولف هتلر” النازية آنذاك والتي تقول : (إكذب ثم إكذب ثم إكذب حتى يُصدقك الناس) وهو ما حرص الغرب على تطبيقه عبر تسويقه مقولة بأن (العالم الغربي يحترم حرية الرأي والرأي الآخر وحرية التعبير) ولكن سرعان ما ينكشف لك زيف إدعاءات الغرب هذه عندما تشاهد عنصريتهم ومصادرتهم لأبسط الحقوق والحريات داخل أوربا عندما يتعلق الأمر بالإسلام فتجدهم يقودون وينظمون الحملات المسعورة ضد الحجاب الإسلامي !

ينسحب الأمر إلى وسائل الإعلام بجميع أشكلها فتجد المنع ومصادرة الحريات حاضراً وسريعاً بحق أي فضائية تتبنى خطاباً أو مضموناً يتعارض معهم أو يُعاديهم ، وهكذا الأمر مع وسائل الإعلام الأخرى ومنها وسائل إعلام السوشيال ميديا .

خدمة (الفيسبوك Facebook) تعتبر اليوم من أهم وأنجح وسائل الإعلام في العالم إلى درجة أن قرابة مليارين نسمة في العالم يستخدمون الفيسبوك ومنذ سنوات ، وما ذلك إلا للمميزات المهمة التي توفرها هذه الوسيلة متعددة المهام والإمكانات ومنها سرعة وسهولة الإنتشار والتفاعل بين صفحة الفيسبوك والمتلقي الذي يكون مجبراً في الغالب على رؤية المنشورات لدى الآخرين حتى لو لم تعجبه بحكم آلية التصفح التي تمتاز بها هذه الخدمة .

الفيسبوك الإرهابي !!

كما هو المتوقع فإن شركة فيسبوك وكغيرها من وسائل الإعلام في العالم تتحكم بها وتسيطر عليها الماسونية العالمية فأصبح للفيسبوك سياسات مُعينة بدأت تتضح أكثر فأكثر تجاه الشخصيات والأحزاب والقوى والدول المعادية للكيان الإسرائيلي وفي مقدمتها الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله اللبناني وعصائب أهل الحق وشخصيات مثل السيد حسن نصر الله والشيخ قيس الخزعلي .

إذ يكفي اليوم أن تنشيء حساباً بإسم عصائب أهل الحق أو الشيخ قيس الخزعلي ليختفي هذا الحساب خلال ساعات أو حتى دقائق بسبب وجود خوارزميات مُصممة وموضوعة من قبل إدارة الشركة تمنع من خلالها إمكانية نشر أي شيء يتعلق بهذه الشخصيات والجهات مهما كانت المحاولات .

المال السعودي مرة أخرى ..

أموال آل سعود كانت ولا تزال مُسخرة بالكامل لخدمة الماسونية العالمية ومصالح الكيان الصهيوني والغرب فمن الطبيعي جداً أن يكون من ضمن ما يتم دعمه هو شركة فيسبوك لضمان تحقيقه أهداف الماسونية وعدم إستفادة أعداءها منها .

وخلال زيارة ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان إلى أمريكا في حزيران 2016م والتي إلتقى خلالها بـ(مارك زوكربيرغ) مؤسس ورئيس شركة فيسبوك في وادي السيليكون في كاليفورنيا جرى خلالها عقد الكثير من الإتفاقيات الإستتراتيجية فيما يتعلق بإستتراتيجية النظام السعودي لغاية سنة 2030م وسبل وآليات تدريب كوادر سعودية من الناشطين في مجال السوشيال ميديا وبالأخص خدمة الفيسبوك والسبل والآليات الكفيلة بإمكانية السيطرة والتحكم بهذه الخدمة بما يضمن خلق رأي عام ينسجم مع رؤية 2030م السعودية والتي أحد أبرز معالمها هي السلام الشامل والتطبيع الكامل مع الكيان الإسرائيلي .

وهذا كله ينطبق مع ما يُثار عن أن النظام السعودي أصبح مالكاً لنسبة عالية من أسهم الشركة وأصبح بإمكانه توجيه سياسات فيسبوك وفق مُشتهياته ورؤيته الخاصة به مما يعني أن الفيسبوك أصبح سعودياً بفعل الأموال بشكل أو بآخر على الأقل في مناطق المشرق العربي . بالإضافة إلى أسهم أخرى للإمارات إشترتها من فيسبوك سمحت لها بفتح مكتب إقليمي للشركة في أبو ظبي قبل ثلاثة أعوام

الجيوش الإلكترونية والإعلامية الموجّهة ..

ليست مُبالغة عندما يُطلق وصف (جيوش) على مجاميع الناشطين الذين يتم تسخيرهم لقضايا مُعينة ضمن خُطط ودراسات مُهمتها صناعة رأي عام يتناسب مع خطط وأفكار ورؤى النظام العالمي المرتبط بالنهاية بالمنظمة الماسونية العالمية .

في العراق قامت السفارة الأمريكية في بغداد بحملة كبيرة مطلع العام الماضي لتجنيد أكبر عدد من الناشطين مُقابل مبالغ مالية ورواتب مُغرية من خلال إستمارات يتم ملأها ثم إختيار المناسبين لتطبيق مشاريعهم وذلك من خلال إعلان على صفحة الفيسبوك الرسمية للسفارة الأمريكية ببغداد سرعان ما ألغته بعد الضجة الكبيرة التي أثيرت حوله بسبب ما إعتبره ناشطون وطنيون بأنهُ إستهتار وصل حداً كبيراً عندما تعلن سفارة دولة أجنبية عن إعلان علني لتجنيد ناشطين بحجة تعيينهم في مشاريع إعلامية وثقافية !

الجيوش الإلكترونية المدعومة اليوم من السفارة الأمريكية ببغداد باتت محمية من كل أشكال الإغلاق ومنع النشر أو أي مُضايقة من المضايقات التي يتعرض لها ناشطو الفيسبوك المنتمين إلى حزب الله وعصائب أهل الحق مثلاً .

بل أن صفحات هذه الجيوش تتمتع بكُل الإمتيازات الإلكترونية التي من شأنها قوة إنتشار وتأثير صفحاتهم خصوصاً تلك الصفحات العلمانية والمدنية والصفحات المعادية لخط المقاومة الإسلامية والممانعة لإسرائيل وأمريكا بحيث أن مراكز وتجمعات وكروبات وبيجات الفيسبوك التابعة لهُم تطلق كماً هائلاً مما يُعرف بـ(الذباب الإلكتروني) من تعليقات ومنشورات من شأنها التشويش على الرأي الآخر المخالف لهم وبالتعاون مع مؤسسات ومراكز مُخابراتية أخرى مثل )معهد صحافة الحرب والسلام) البريطاني وغيره .

هذه السياسة المتبعة بالفيسبوك اليوم والجيوش الإلكترونية الفيسبوكية المسخرة لنفس الأهداف باتت مكشوفة ومفضوحة أمام الرأي العام العالمي عموماً والعراقي منه خصوصاً في أنها شركة مُجيّرة لخدمة الأهداف الماسونية والعمل على تكميم وإقصاء أي رأي آخر مخالف خصوصاً إذا كان رأياً يمثل جبهة قابلة للإنتشار والتوسع بفعل مضمونها وإطروحاتها الحقة المؤثرة والجذابة مما يُصنف (الفيسبوك) كأحد أهم الخدمات المجيرة لأهداف سياسية خاصة غير بريئة وغير مُحايدة وهو ما يتناقض مع جميع الشعارات التي يرفعها ويتبناها الغرب حول حرية التعبير وحقوق الإنسان لأنها تطبق على مجموعات دون أخرى كما هو الحال في الفيسبوك .

أما عن كيفية عمل الجيوش الإلكترونية في العراق فيوجد اليوم (جيش الكتروني) يعمل بتمويل خارجي ، هو جيش (iwpr) التابع لـ(معهد صحافة الحرب والسلام) البريطاني .

هذا المعهد عبارة عن جهاز لجمع المعلومات مُخصّص لدول العالم الثالث ، وهو مُموّل من البريطانيين ، أحياناً يُقال بتمويل من وزارة الخارجية البريطانية وأحيانا يُقال من وزارة الدفاع البريطانية .

طريقة عمل المعهد تتم من خلال فتح دورات لتدريب الشباب ليكونوا صحفيين ، (الصحفيين الشباب) حصرياً ، حيث يجري إدخالهم في دورة خاصة لمُدة (شهر واحد) يتعلمون من خلالها طريقة (جمع المعلومات) بشكل سريع دون أن يتعلموا مباديء وأخلاقيات مهنة الصحافة .

يجري بعد الدورة السريعة زج الشباب في العمل لكتابة قُصص صحفية مُقابل 50 دولار على القصة الواحدة ، حيث يجري إرسال المعلومات لمحررين في لندن ، وليس مُهماً نشر القصة الصحفية ، لأن الغرض هو جمع المعلومات .

المعهد كان أول مؤسّسة أجنبية ظهرت في العراق عام 2003م ، وقد كان مقره في حي المنصور قرب نادي الصيد ، وهذه المنطقة كما تعرفون كانت وما زالت نقطة تجمع لمثل هذه المؤسسات الأجنبية ، وقد وضعت حولها حماية إستثنائية مُنذ البداية بواسطة شركات أمنية خاصة .

ـ المدير الأولى للمعهد في العراق هي الأمريكية (ماغي زنگر) وقد ذهبت للتقاعد بعد سنتين من عملها وعادت إلى أمريكا .

ـ  المدير (الثاني) لهذا المعهد في العراق هو (هيوا محمود عثمان) إبن السياسي (محمود عثمان) .

ـ المدير (الثالث) للمعهد هو المرحوم (عمار الشابندر) إبن السياسي (غالب الشابندر) ، الذي مات في حادثة إنفجار سيارة مُفخخة في الكرادة.

ـ المدير (الرابع) هي (جاكي ساتون) والتي ماتت في ظروف غامضة نهاية عام 2015 ، وقيل أنها إنتحرت أثناء رحلة ترانزيت في مطار إسطنبول عندما كانت قادمة من لندن إلى اربيل، حيث وجدت (مشنوقة) بخيط حذائها في حمام النساء داخل المطار ، ولم تظهر أية نتائج حول موتها الغريب لا من قبل السُلطات التركية ولا حتى البريطانية .

ـ المدير الحالي هو (نبيل خوري) وهو رجل لُبناني مسيحي ، يتحدث اللهجة العراقية بطلاقة وبدون (لكنه) علاوة على الانگليزية والفرنسية والروسية ، كان من ضمن كوادر (إذاعة العراق الحر) مقرها (براغ) التي أسستها الإستخبارات العسكرية الامريكية في سنوات الحرب الباردة لمواجهة المعسكر الإشتراكي في أوربا الشرقية ، ثم جرى توجيهها للإهتمام بالملف العراقي بعد حرب الخليج 1991.

يوجد لمعهد صحافة الحرب والسلام حالياً مقر في بغداد (الجادرية) داخل (المربع الرئاسي) ، أما مقره الرئيسي فيقع في أربيل .

عمل المعهد أيضاً على تمويل بعض مُنظمات المجتمع المدني العراقي الناشئة المعنية بعمل الإعلام ، حيث قدم دعماً مالياً لتجهيز هذه المنظمات وتمويل كوادرها ، منها (مؤسسة برج بابل) في شارع أبو نؤاس ومُنظمة (مرصد الحريات الصحفية) في شارع السعدون ، علاوة على (جمعية الأمل) و(مؤسسة المدى) .

عندما ماتت (جاكي ساتون) بدأ يظهر حديث عن وجود مشروع لتشكيل (جيش إلكتروني) لمواجهة إعلام “داعش” برعاية وإدارة من (معهد صحافة الحرب والسلام) ، وكان يُقال أن (جاكي ساتون) كانت قادمة من لندن لتنفيذ هذا المشروع بعد أن تمت الموافقة على تمويله من بريطانيا بملايين الدولارات ، إلا أنها بعد أن ماتت ظهر (نبيل خوري) وبدأ بالتنفيذ.

وللأسف الشديد فإن فكرة إنشاء الجيوش الإلكترونية الفيسبوكية أصبحت حالة معروفة في العراق تمارسها الأحزاب والتيارات والقوى السياسية لتسقيط بعضها البعض الآخر .

التعليقات مغلقة.