مراجعات حول إحياء يوم القدس العالمي في العراق

457

مراجعات حول إحياء يوم القدس العالمي في العراق

بقلم / أحمد رضا المؤمن

تحل علينا هذا العام مُناسبة يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك كما دعا إليها أول مرة مُحقق حلم الأنبياء آية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني “رض” ولكن مع تغيير وإستثناء جعل منها مختلفة عن السابق وليست كمثل كل عام بسبب ظروف حظر التجوال بفعل إنتشار وباء كورونا .

وأنا أرى أن هذه فرصة حقيقية لمُراجعة شاملة لطريقة إحياء هذه المناسبة المقدسة العظيمة خصوصاً في العراق مُنذ الإحتلال في نيسان 2003 والنظر في إمكانية تطوير هذه المناسبة وتفعيلها بما يتناسب مع حجم التحديات المتزايدة والمُتصاعدة في العراق والمنطقة ، خصوصاً بعد إستشهاد شهيد القدس وقائد فيالق تحريرها اللواء الحاج قاسم سُليماني “رض” .

بدأ إحياء هذه المناسبة في العراق مُباشرة بعد سقوط نظام صدام الهدام في نيسان 2003 في ظل أجوال سلبية جداً تجاه القضية الفلسطينية ومن جهتين :

الأولى ، هي عموم الشعب العراقي المُستاء من مواقف وسلوكيات بعض الفلسطينيين التي كانت تمجد بقاتل الشعب العراقي صدام الهدام وتمجد به وبنظامه وأيضاً نشر خطاب طائفي ضد العراقيين عموماً والشيعة منهُم خصوصاً بإتهامهم بالعمالة والتبعية إلى إيران والمجيء للحكم على دبابة أمريكية وما شابه .. فكان حينها أي حديث عن القضية الفلسطينية يعني بشكل أو بآخر حُسن ظن بالمجرم صدام الهدام وزُمرته .

الثانية ، هي الأحزاب التي كانت تقوم بإحياء مناسبة يوم القدس العالمي آنذاك ، فهي في ذلك الوقت لم تكن سوى حزب (إسلامي !) واحد (قبل إنشقاقه إلى ثلاث أحزاب أو أكثر) كان يقوم بإحياء (شكلي) للمناسبة ربما لإسقاط تكليف أو للإستفادة من دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية المرصود لملف دعم القضية الفلسطينية . بلا أدنى إيمان بهذه القضية أو تفاعل حقيقي ، بل وصل الأمر قيام بعض تنظيمات هذا الحزب بإخفاء اللافتات والبوسترات التي فيها صور وشعارات وعبارات عن القضية الفلسطينية للمرجع الشهيد آية الله العظمى السيد مُحمّد الصدر “رض” !!

فإحياء المناسبة في بداية الإحتلال كان ليس أكثر من خروج العشرات وربما المئات من أتباع وأنصار هذا الحزب وهُم يحملون لافتات مطبوعة وجاهزة تندد بالعدو الإسرائيلي تتخللها دعايات لحزبهم !

تطورت لاحقاً هذه الفعاليات نوعاً ما شيئاً فشيئاً بعد دخول بعض الأحزاب الهامشية في هذه التظاهرات والمشاركة فيها بينما لم يُشارك أحزاب إسلامية لها ثقلها كحزب الدعوة الإسلامية والتيار الصدري وحزب الفضيلة وغيرهم .. رغم أن هذه الأحزاب لها عُمق تأريخي عريق في مُقاومة العدو الإسرائيلي برموزها التي ترجع إليها في الفكر والتقليد .

إلا أن التطور في أداء التظاهرات في يوم القدس لم يكُن تطوراً حقيقياً بل شكلياً (خجولاً) ، وأذكر أني كنت مسؤولاً عن قيادة تظاهرات يوم القدس العالمي لحركة سياسية مقاومة معروفة في محافظة النجف الأشرف لثلاث سنوات كُنت خلالها أخاطب اللجنة المنظمة للمناسبة والتي يحضرها عدة أحزاب بأن هذه المناسبة لن يكون لها أثر حقيقي بالشكل الذي كان يأمله ويطمح لهُ المرجع السيد الخميني “رض” ومراجعنا العظام ما لم نُخطط لإحياء المناسبة بشكل حقيقي وحماسي وشجاع وليس على طريقة (إسقاط الفرض) أو السباق على الجهة التي تقرأ البيان الختامي !!

فلا بُد من دراسة أفكار وفعاليات جديدة كل عام تتصف بأمور التالية :

1/ أن تتميز عن سابقتها في الأعوام السابقة بفقرات جديدة وعدم الإكتفاء بمسيرات راجلة وحرق لرايات العدو الإسرائيلي ورفع لافتات التنديد به والتهديد له . لا بد من توسيع أفكار إطروحات اللجنة المنظمة لإحياء المناسبة بفعاليات أكثر تأثيراً وجذباً مثل :

ـ إنتاج دراما مُسلسلات وأفلام سينمائية عراقية تتحدث عن تأريخ ودور الجيش والشعب العراقي مع القضية الفلسطينية وتضحياته ومواقفه من أجلها .

ـ إنتاج أعمال فنية درامية وإعلامية توثق مواقف وأدوار مراجع الدين والحوزات العلمية العراقية تجاه القضية الفلسطينية .

ـ إقامة معارض جوالة في التجمعات الشبابية الأكاديمية وغيرها مع إقامة مُسابقات ورصد جوائز حول المناسبة والقضية الفلسطينية .

ـ إقامة ندوات ومؤتمرات أكاديمية تعرف بالقضية الفلسطينية بما يتناسب مع بيئة الإنسان العراقي وثقافته ورموزه ( لا أن يتم إنتقاء الرموز بحسب مُشتهيات حزب من الأحزاب ! ) وطبع المنشوورات التعريفية بتأريخ القضية وأحداثها والحرص على إيصالها إلى أكبر عدد ممكن مع دراسة ومتابعة آلية التوزيع (وعدم الإكتفاء بتوزيعها وركنها في الغرف والمخازن) .

2/ أن تكون اللجنة التنظيمية لإحياء المناسبة ذات شخصيات عراقية معروفة ، وثابتة وبعيدة عن التحزب ومعروفة بالكفاءة والإيمان الحقيقي بالقضية الفلسطينية وعدم الإعتماد على العلاقات والمجاملات . ويكون لهذه اللجنة مقر وإدارة يُمكن للجماهير التواصل معها وعرض الأفكار عليها والتفاعل معها ، ويكون لهذه اللجنة عدة مهام منها :

ـ تنظيم وإحياء مُناسبة يوم القدس العالمي في العراق بأفضل شكل .

ـ مُتابعة توصيات كل عام .

ـ دعم ورعاية كل المشاريع الثقافية والإجتماعية والدينية والإنسانية التي تصب في دعم مشروع يوم القدس العالمي .

3/ العمل بسرعة وقوة لتفعيل المادة (201) من قانون العقوبات العراقي للعام 1969 والذي يُعاقب بعقوبات تصل إلى حد الإعدام لأي عراقي يُمارس أي شكل من أشكال التطبيع والترويج مع كيان العدو الإسرائيلي . وهو أمر يحتاج إلى تعبئة جهود الكوادر القانونية في العراق وهي كثيرة وكفوءة .

4/ التعامل مع القضية الفلسطينية كقضية عقائدية مُقدسة لها علاقة بالظهور المقدس للإمام المهدي عليه السلام بحسب ما ورد في القرآن الكريم (سورة الإسراء) وأحاديث أهل البيت “ع” التي تتحدث عن خطوات الإمام المهدي “ع” في تحرير القدس والصلاة فيها ويُصلي خلفه النبي عيسى المسيح “ع” بعد معارك شرسة ينهزم فيها اليهود الصهاينة حتى (ينادي الحَجَر : يا مُسلم هذا يهودي خلفي تعال وأقتله) .وفي الختام ، أكرر وأشدد على أن مُجرد إحياء مناسبة يوم القدس العالمي في العراق بشكله السابق فإنهُ ليس فقط سيفشل في أهدافه بل أنهُ سيأتي بنتائج عكسية كما حَصَل عندما تجرأت مجاميع الجوكر المدعومة من الثالوث المشؤوم (أمريكا وإسرائيل وبريطانيا) على إحراق صور لرموز ومراجع خط الحشد والمقاومة والممانعة والإساءة والإعتداء لمقرات هذا الخط المبارك .

التعليقات مغلقة.